كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 337 """"""
خيرا من خبيب ، لقد رأيته وما بمكة من ثمرة ، وإن في يده قطفا من عنب يأكله ، إن كان إلا رزقا رزقه الله خبيبا ، ولما خرج لزدت ، وما أبالي على أي شقي كان مصرعي ، وهذه القصة نذكرها إن شاء الله تعالى بما هو أبسط من هذا في السيرة النبوية في سيرة مرثد إلى الرجيع .
قيل : أغار خيثمة بن مالك الجعفي على حي من بني القين فاستاق منهم إبلا فلحقوه ليستنقذوها منه ، فلم يطمعوا فيه ، ثم ذكر يدا كانت لبعضهم عنده ، فخلى عما كان في يده ، وولي منصرفا ، فنادوه وقالوا : إن المفازة أمامك ، ولا ماء معك ، وقد فعلت جميلا ، فأنزل ولك الذمام والحباء ، فنزل فلما اطمأن وسكن ، واستمكنوا منه غدروا به فقتلوه ، ففي ذلك تقول عمرة ابنته :
غدرتم بمن لو كان ساعة غدركم . . . بكفيه مفتوق الغرارين قاضب
أذادكم عنه بضربٍ كأنه . . . سهام المنايا كلهن صوائب
وتلاحي بنو مقرون بن عمرو بن محارب ، وبنو جهم بن مرة بن محارب ، على ماءٍ لهم فغلبتهم بنو مقرون فظهرت عليهم ، وكان في بني جهم شيخٌ له تجربة وسن ، فلما رأى ظهورهم ، قال : يا بني مقرون ، نحن بنو أب واحد ، فلم نتفاني ؟ هلموا إلى الصلح ، ولكم عهد الله تعالى وميثاقه آبائنا ، أن لا نهيجكم أبدا ولا نزاحمكم في هذا الماء ، فأجابتهم بنو مقرون إلى ذلك ، فلما اطمأنوا ووضعوا السلاح عدا عليهم بنو جهم فنالوا منهم منالا عظيما ، وقتلوا جماعة من أشرافهم ، ففي ذلك يقول أبو ظفر الحارثي :
هلا غدرتم بمقرونٍ وأسرته . . . والبيض مصلتهٌ والحرب تستعر
لما اطمأنوا وشاموا في سيوفهم . . . ثرتم إليهم وعر الغدر مشتهر