كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 338 """"""
غدرتموهم بأيمان مؤكدةٍ . . . والورد من بعده للغادر الصدر
هذا ما قيل في الغدر . وأما الخيانة ، فقد نهى الله تعالى عنها فقال : " يأيها الذين آمنوا لا تخونوا الله والرسول وتخونوا أماناتكم وأنتم تعلمون " .
وروي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " لا إيمان لمن لا أمانة له ولا دين لمن لا عهد له " .
وقيل : من ضيع الأمانة ، ورضي الخيانة ، فقد بريء من الديانة .
وقال حكيم : لو علم مضيع الأمانة ، ما في النكث والخيانة ، لقصر عنهما عنانه .
وقالوا : من خان مان ، ومن مان هان ، وتبرأ من الإحسان .
قيل دخل شهر بن حوشب وهو جلة القراء وأصحاب الحديث على معاوية ، وبين يديه خرائط فيها مال ، قد جمعت لتوضع في بيت المال ، فقعد على خريطة منها ، وأخذها ، ومعاوية ينظر إليه ، فلما رفعت الخرائط ، فقد من عددها خريطة ، فأعلم الخازن بذلك معاوية ، فقال : هي محسوبة لك فلا تسأل عن آخذها ، ففيه يقول بعض الشعراء :
لقد باع شهرٌ دينه بخريطةٍ . . . فمن يأمن القراء بعدك يا شهر ؟
وقال المنصور لعامل بلغه عنه خيانته : يا عدو الله ، وعدو أمير المؤمنين ، وعدو المسلمين ، أكلت مال الله ، وخنت خليفة الله ، فقال : يا أمير المؤمنين ، نحن عيال الله ، وأنت خليفة الله ، والمال مال الله ، فمن أين نأكل إذا ، فضحك وأطلقه ، وأمر أن لا يولي عملا بعدها .

الصفحة 338