كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 340 """"""
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " لا يدخل الجنة ، من في قلبه حبةٌ من خردلٍ من كبرٍ " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " من تعظم في نفسه ، واختال في مشيته لقي الله عز وجل وهو عليه غضبان " . وقال ( صلى الله عليه وسلم ) : " من جر ثوبه خيلاء لم ينظر الله إليه " .
وروي : أن عبد الله بن سلام ، مر بالسوق يحمل حزمة حطب ، فقيل له : أليس قد أغناك الله عن هذا ؟ قال : بلى ولكني أردت أن أقمع به الكبر ، سمعت رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) يقول : " لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال حبة من كبر " .
وقال عمر بن الخطاب رضي الله عنه : ما وجد أحدٌ في نفسه كبراً إلا من مهانة يجدها في نفسه .
وقالوا : من قل لبه ، كثر عجبه .
وقالوا : عجب المرء بنفسه ، أحد حساد عقله .
وقال أزدشير بن بابك : ما الكبر إلا فضل حمقٍ لم يدر صاحبه أين يضعه فصرفه إلى الكبر .
ومن كلامٍ لابن المعتز : لما عرف أهل التقصير حالهم ، عند أهل الكمال استعانوا بالكبر ليعظم صغيرا ، ويرفع حقيرا ، وليس بفاعل .
وقال أكثم بن صيفي : من أصاب حظا من دنياه ، فأصاره ذلك إلى كبرٍ وترفعٍ ، فقد علم أنه نال فوق ما يستحق ، ومن أقام على حاله فقد علم أنه نال ما يستحق ، ومن تواضع وغادر الكبر ، فقد علم أنه نال دون ما يستحق .
وقال علي رضي الله عنه : عجبت للمتكبر الذي كان بالأمس نطفة ، وهو غداً جيفة . وقيل : مر بعض أولاد المهلب بمالك بن دينار وهو يخطر ، فقال له : يا بني ، لو خفضت بعض هذه الخيلاء ألم يكن أحسن بك من هذه الشهرة التي قد شهرت بها نفسك ؟ فقال له الفتى : أو ما تعرف من أنا ؟ قال : بلى والله أعرفك معرفة جيدة ، أولك نطفة مذره ، وآخرك جيفة قذره ، وأنت بين ذلك حامل عذره ، فأرخى الفتى ردينه وكف مما كان يفعله ، وطأطأ رأسه ، ومضى مسترسلا .