كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 341 """"""
وقال الواقدي : دخل الفضل بن يحيى ذات يوم على أبيه وهو يتبختر في مشيته ، فقال له يحيى : يا أبا عبد الله ، إن البخل والجهل مع التواضع ، أزين بالرجل من الكبر مع السخاء والعلم ، فيا لها من حسنة غطت على عيبين عظيمين ، ويا لها من سيئة غطت على حسنتين كبيرتين ، ثم أومأ إليه بالجلوس وقال : احفظه يا عبد الله ، فإنه أدب كبير أخذناه عن العلماء .
ومن الكبر المستهجن ما روي : أن وائل بن حجر أتى النبي ( صلى الله عليه وسلم ) ، فأقطعه أرضا ، وقال لمعاوية : اعرض هذه الأرض عليه واكتبها له ، فخرج مع وائل في هاجره شاوية ، ومشى خلف ناقته ، وقال له : أردفني على عجز راحلتك ، فقال : لست من أرداف الملوك ، قال : فأعطني نعليك ، فقال : ما بخلٌ يمنعني يا بن أبي سفيان ، ولكن أكره أن يبلغ أقيال اليمن أنك لبست نعلي ، ولكن امش في ظل ناقتي ، فحسبك بها شرفا ، وقيل : إن وائلا أدرك زمن معاوية ودخل عليه فأقعده معه على السرير وحدثه .
والعرب تجعل جذيمة الأبرش الغاية في الكبر ، وروي : أنه كان لا ينادم أحدا ترفعا وكبرا ، ويقول : إنما ينادمني الفرقدان . ومنه قول متمم :
وكنا كندماني جذيمة حقبةً
قيل : إنما أراد الفرقدين ، لا كما ذكره الرواة أنهما مالك وعقيل .
وقيل : كان أبو ثوابة أقبح الناس كبرا ، روي : أنه قال لغلامه اسقني ماء ، فقال : نعم ، قال : إنما يقول : نعم من يقدر على أن يقول : لا وأمر بضربه ، ودعا

الصفحة 341