كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 342 """"""
أكاراً فكلمه ، فلما فرغ دعا بماء ، وتمضمض استقذارا لمخاطبته .
قال عبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود :
ولا تعجبا أن تؤتيا فتكلما . . . فما حشى الأقوام شراً من الكبر
قال الجاحظ : المذكورون بالكبر من قريش ، بنو مخزوم ، وبنو أمية ، ومن العرب ، بنو جعفر بن كلاب ، وبنو زرارة بن عدس ، وأما الأكاسرة فكانوا لا يعدون الناس إلا عبيدا ، وأنفسهم إلا أربابا ، والكبر في الأجناس الذليلة أرسخ ، ولكن القلة والذلة مانعتان من ظهور كبرهم ، ومن قدر من الوضعاء أدبي قدرة ، ظهر من كبره ما لا خفاء به ، ولم أر ذا كبر قط علا من دونه ، إلا وهو يذل لمن فوقه بمقدار ذلك ووزنه .
قال : أما بنو مخزوم ، وبنو أمية ، وبنو جعفر بن كلاب ، واختصاصهم بالتيه ، فإنهم أبطرهم ما وجدوا لأنفسهم من الفضيلة ، ولو كان في قوى عقولهم فضلٌ عن قوى دواعي الحمية فيهم ، لكانوا كبني هاشم في تواضعهم وإنصافهم من دونهم . وقال أبو الوليد الأعرابي :
ولست بتياهٍ إذا كنت مثريا . . . ولكنه خلقي إذا كنت معدما
وأن الذي يعطي من المال ثروةً . . . إذا كان نذل الوالدين تعظما
ومن المتكبرين ، عمارة بن حمزة ، حكي عنه : أنه دخل على المهدي ، فلما استقر به الجلوس ، قام رجل كان المهدي قد أعده له ليتهكم به ، فقال : مظلوم يا أمير المؤمنين ، قال : من ظلمك ؟ قال : عمارة غصبني ضيعتي ، وذكر ضيعة من أحسن ضياع عمارة وأكثرها خراجا ، فقال المهدي لعمارة : قم فاجلس مع خصمك ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما هو لي بخصم ، إن كانت الضيعة له ، فلست أنازعه فيها ، وإن