كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)
"""""" صفحة رقم 345 """"""
ذكر ما قيل في الحرص والطمع
قال الله عز وجل لنبيه ( صلى الله عليه وسلم ) : " ولا تمدن عينيك إلى ما متعنا به أزواجاً منهم زهرة الحياة الدنيا لنفتنهم فيه ورزق ربك خيرٌ وأبقى " .
وقال رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) : " أربعٌ من الشقاء الخ . . . . . عد منها الحرص والأمل " . وقال : " ما ذئبان جائعان أرسلا في غنم فأفسداها أشد من حرص المرء على المال " . وقال : " يشيب ابن آدم وتشب منه اثنتان : " الحرص على المال ، والحرص على العمر " وقال : " إياكم الطمع فإنه الفقر الحاضر " .
ومن كلام علي بن أبي طالب رضي الله عنه : الطمع مورد غير مصدر ، وضامن غير وفي ، وكلما عظم قدر الشيء المتنافس فيه ، عظمت الرزية لفقده ، والأماني تعمى البصائر . أزرى بنفسه من استشعر الطمع ، واستولت عليه الأماني .
وقال بعضهم : الحرص ينقص من قدر الإنسان ، ولا يزيد في رزقه .
وقال قتيبة : إن الحريص استعجل الذلة ، قبل إدراك البغية .
وقيل : لا راحة لحريص ، ولا غنًى لذي طمع .
وقيل : إن كعبا لقي عبد الله بن سلام ، فقال : يا بن سلام ، من أرباب العلم ؟ قال : الذين يعملون به ، قال : فما أذهب العلم من قلوب العلماء بعد إذ علموه ووعوه ؟ قال : الطمع ، وشره النفس ، وطلب الحوائج إلى الناس . قال الأصمعي : سمعت أعرابيا يقول : عجبت للحريص المستكبر ، المستقل لكثير ما في يده ، المستكثر لقليل ما في يد غيره ، حتى طلب الفضل ، بذهاب الأصل ، فركب مفاوز البراري ، ولجج البحار ، معرضا نفسه للممات ، وماله للآفات ، ناظرا إلى من سلم ، غير معتبر بمن عدم .
قال يزيد بن الحكم الثقفي :
رأيت السخي النفس يأتيه رزقه . . . هنيئا ولا يعطي على الحرص جامع
وكل حريص لن يجاوز رزقه . . . وكم من موفى رزقه وهو وادع