كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 347 """"""
ويضرب المثل في الطمع بأشعب . قيل له : ما بلغ من طمعك ؟ فقال للقائل له : لم تقل هذا إلا وفي نفسك خيرٌ تصنعه بي ، وقيل : إنه لم يمت شريف قط من أهل المدينة إلا استعدى أشعب على وصيه أو وارثه وقال له : احلف أنه لم يوص لي بشيء قبل موته ، ووقف على رجل يعمل طبقا من الخيزران ، فقال له : وسعه قليلا ، قال الخيزراني : كأنك تريد أن تشتريه ؟ قال : لا ، ولكن ربما يشتريه بعض الأشراف فيهدي إلي فيه شيئا ، وسأله سالم بن عبد الله بن عمر رضي الله عنه عن طمعه ، قال : قلت لصبيان مرةً : اذهبوا ، هذا سالم قد فتح بيت صدقة عمر حتى يطعمكم تمرا ، فلما أحضروا ظننت أنه كما قلت لهم ، فعدوت في إثرهم ، وقيل له : ماذا بلغ من طمعك ؟ قال : أرى دخان جاري فأثرد عليه ، وقيل له أيضا : ما بلغ من طمعك ؟ قال : ما رأيت عروسا بالمدينة تزف إلا كنست بيتي ورششته طمعا أن تزف إلي ، وقيل له : هل رأيت أطمع منك ؟ قال : نعم ، كلب أم حومل ، تبعني فرسخين ، وأنا أمضغ كندراً ، ولقد حسدته على ذلك .
ذكر ما قيل في الوعد والمطل
روي عن رسول الله ( صلى الله عليه وسلم ) أنه قال : " العدة دين " .
وقال بعض القرشيين : من خاف الكذب ، أقل من المواعيد .
وقيل : أمران لا يسلمان من الكذب : كثرة المواعيد وشدة الاعتذار .
وقالوا : خلف الوعد ، خلق الوغد .
وقال المهلب لبنيه : يا بني ، إذا غدا عليكم الرجل أو راح مسلماً ، فكفى بذلك تقاضيا .
قال الشاعر :
اروح لتسليمٍ عليك وأغتدي . . . فحسبك بالتسليم مني تقاضيا
كفى بطلاب المرء ما لا يناله . . . عناءً وباليأس المصرح ناهيا
وقيل : الوعد إذا لم يشفعه إنجاز يحققه ، كان كلفظٍ لا معنى له ، وجسم لا روح فيه . وقالوا : الخلف ألأم من البخل ، لأنه من لم يعرف المعروف ، لزمه ذم

الصفحة 347