كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 348 """"""
اللؤم ، وذم الخلف ، وذم العجز . قال بعض الشعراء :
وعدت فأكذبت المواعيد جاهدا . . . وأقلعت إقلاع الجهام بلا وبل
وأجررت لي حبلا طويلا تبعته . . . ولم أدر أن اليأس في طرف الحبل
وقال أبو تمام :
وما نفع من قد مات بالأمس صادياً . . . إذا ما سماء اليوم طال انهمارها
وما العرف بالتسويف الأكخلة . . . تسليت عنها حين شط مزارها والعرب تضرب المثل بمواعيد عرقوب ، وكان رجلا من العماليق وله في ذلك حكايات ، فمنها : أنه أتاه أخ له ، يسأله شيئا ، فقال له عرقوب : إذا أطلعت هذه النخلة فلك طلعها ، فلما أطلعت ، أتاه الرجل للعدة ، فقال : دعها حتى تصير بلحا ، فلما أبلحت ، أتاه ، فقال : دعها حتى تصير زهواً ، فلما أزهت ، قال : دعها حتى تصير رطبا ، فلما أرطبت ، قال : دعها حتى تصير تمرا ، فلما أتمرت ، عمد إليها عرقوب ، فجذها ولم يعط أخاه منها شيئا .
وفيه يقول الأشجعي :
وعدت وكان الخلف منك سجيةً . . . مواعيد عرقوب أخاه بيثرب
وقال السكيت للمهدي : يا أمير المؤمنين ، لو كان الوعد يستنزل بالإهمال والسكون ، لشكرتك القلوب بالضمير ، ولنظرت إلى فضلك العيون بالأوهام ، فقال المهدي : هذا جزاء التفريط فيما يكسب الأجر ، ويدخر الشكر ، وأمر بقضاء حاجته .
وقال أعرابي : العذر الجميل ، أحسن من المطل الطويل ، فإن أردت الإنعام فأنجح ، وإن تعذرت الحاجة فأفصح .
وقال بعض كرماء العرب : لأن أموت عطشا ، أحب إلي من أن أخلف موعدا .

الصفحة 348