كتاب نهاية الأرب في فنون الأدب ـ العلمية (اسم الجزء: 3)

"""""" صفحة رقم 349 """"""
وقالوا : من وعد فأخلف ، لزمته ثلاث مذمات ، ذم اللؤم ، وذم الخلف ، وذم الكذب ، وقال بعض الشعراء :
ولا خير في وعدٍ إذا كان كاذبا . . . ولا خير في قول إذا لم يكن فعل
فإن تجمع الآفات فالبخل شرها . . . وشرٌ من البخل المواعيد والمطل
قال بعض الأعراب : فلان له مواعيد المطل ، وثمارها الخلف ، ومحصولها اليأس .
وقال آخر : فلان له وعد مطمع ، ومطلٌ مؤيس ، وأنت منه أبدا بين يأس وطمع ، فلا بذلٌ مريح ، ولا منعٌ صريح .
وقال الثعالبي : أول من أخلف المواعيد ولم يف بشيء منها : إسماعيل بن صبيح كاتب الرشيد ، وما كان الرؤساء يعرفون قبله المواعيد الكاذبة .
ذكر ما قيل في العي والحصر
قال الله عز وجل : " أو من ينشأ في الحيلة وهو في الخصام غير مبينٍ " . وقال تعالى إخبارا عن فرعون عند افتخاره على موسى بالبيان : " أم أنا خيرٌ من هذا الذي هو مهينٌ ولا يكاد يبين " . قال أهل التفسير : إن موسى عليه السلام لما سمع هذا القول قال : " رب اشرح لي صدري ويسر لي أمري واحلل عقدةً من لساني يفقهوا قولي " . الآية ، فقال الله تعالى : " قد أوتيت سؤلك يا موسى " .
وقيل : حد العي معنًى قصير ، يحويه لفظٌ طويل . وقال أكثم بن صيفي : هو أن تتكلم فوق ما تقتضيه حاجتك . وقالوا : الفقير الناطق ، أغنى من الغني الساكت .
وقال كسرى : الصمت خيرٌ من عي الكلام .
وقالوا : فضل الإنسان على ما عداه من الحيوان بالبيان ، فإذا نطق ولم يفصح عاد بهيما .
وقالوا : العي داءٌ دواؤه الخرس . ومن علامات العي الاستعانة ، وهي أن ترى المخاطب إذا كل لسانه عند مقاطع كلامه ، يقول للمخاطب : اسمع مني ، أو سمعت لي ، وافهم عني ، وأشباه ذلك .

الصفحة 349