كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

عاقل مارَسَ الحدود والرسوم، أو لم يمارس شيئًا البتة - يأمر وينهى، ويُفَرِّق بالبديهة بين طلب الفعل وطلب الترك، وبينهما وبين المفهوم من الخبر.
وهذا الدليل قد أكثر الإمام التعويل عليه (¬١)، وهو مدخول من وجوه:
أحدها: أنه لا يلزم من الحكم بالتفرقة بين الشيئين بالبديهة معرفةُ كنه حقيقَتَيْهما (¬٢)، بل قد لا يَعْرِف الحاكم بالتفرقة ماهيةَ ذلك الشيء، فضلًا عن أن يعرفه بالبديهة (¬٣). ألا ترى أن كل أحد (¬٤) يعلم مِنْ نفسه أنه موجود بالبديهة، ويفرق بين الإنسان والمَلَكِ والطائر والفرس، ولا يدري ماهية نفسه ولا ماهية الملك ولا الطائر والفرس - معرفةً خاصة (¬٥) بالجنس والفصل (¬٦).
والثاني: أن قوله (¬٧): يفرق بين طلب الفعل وطلب الترك بالبديهة،
---------------
(¬١) انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٢٣.
(¬٢) في (ك): "حقيقتهما".
(¬٣) ولذلك قال الإسنوي رادًا على دليل الإمام: "ولك أن تقول: التفرقة البديهية لا تتوقف على العلم البديهي بحقيقة كل واحدٍ منهما، بل على العلم البديهي بهما من وجه، بدليل أنَّا نفرق بالبديهة بين الإنسان والملائكة". نهاية السول ٢/ ٢٤٢.
(¬٤) في (ك): "واحد".
(¬٥) في (ص): "خاصيته". وهو خطأ؛ لأن الخصائص هي أمور عرضية وتعرف بالرسوم أي: بالجنس والخاصة، ولا تكون معرفتها بالحدود، أي: بالجنس والفصل.
(¬٦) هذه المعرفة الخاصة يقال لها في المنطق: كنه الشيء وحقيقته، وهي معرفة الشيء بالذاتيات أي: الجنس والفصل. قال في سُلَّم العلوم ص ٦٠: "فالحد التام: ما اشتمل على الجنس والفصل القريبين. وهو الموصل إلى الكُنْه".
(¬٧) أي: قول الإمام.

الصفحة 1003