كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)
استحييت (¬١) منه لو اطُّلِع عليه فلا تفعله، وإن لم تستح فاصنع ما شئت مِنْ هذا الجنس (¬٢). وعلى هذا التفسير يحتاج هذا القِسْم إلى مثال (¬٣)، وأمثلته كثيرة (¬٤).
قوله: "وعكسه"، أي: قد يستعمل الخبر ويراد به الأمر، مثل قوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ} (¬٥)، المعنى والله أعلم: ليرضع الوالدات أولادهن. وهذا (¬٦) أبلغ من عكسه (¬٧)؛ لأن الناطق بالخبر مريدًا به
---------------
(¬١) في (ص)، و (غ)، و (ك): "استحيت".
(¬٢) يعني هذا الحديث على تفسير الشيخ عز الدين رحمه الله تعالى ليس من قسم الخبر، بل هو إما تهكم، فيكون داخلًا في القسم العاشر هنا: وهو الإهانة؛ لأن التهكم من الإهانة. قال القرافي عن قوله تعالى: {ذُقْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْكَرِيمُ}: "قال جماعة: هذا يُسمى التهكم، وضابطه: أن يؤتى بلفظٍ دالٍّ على الخير والكرامة، والمراد ضد ذلك. كقوله تعالى: {هَذَا نُزُلُهُمْ يَوْمَ الدِّينِ}، والنزل: ما يصنع للضيف عند نزوله". نفائس الأصول ٣/ ١١٨٢، ١١٨٣. أو أن معنى الحديث: انظر إلى ما تريد أن تفعله، فإن كان مما لا يُسْتحى منه فافعله، وإن كان مما يستحى منه فدعه. انظر: معاني هذا الحديث في فتح الباري ٦/ ٥٢٣، جامع العلوم والحكم ص ١٨٨.
(¬٣) أي: على تفسير الشيخ عز الدين يحتاج قسم الخبر إلى مثالٍ آخر.
(¬٤) نحو قوله تعالى: {فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلًا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا}، وقوله تعالى: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا}، وقوله تعالى: {وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ}، وقوله تعالى: {أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ}. انظر: شرح الكوكب ٣/ ٣١، نفائس الأصول ٣/ ١١٨٦.
(¬٥) سورة البقرة: الآية ٢٣٣.
(¬٦) في (ت): "وهو".
(¬٧) أي: الخبر الذي يراد به الأمر أبلغ من الأمر الذي يراد به الخبر.