كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

الأمر كأنه نزَّل المأمور به منزلة الواقع (¬١) (¬٢).
قوله: "لا تُنْكِحُ المرأةُ المرأةَ"، يعني: أن الخبر قد يأتي مرادًا به النهي كما قد يأتي (¬٣) مرادًا به الأمر، وذلك أعني مجيئه مرادًا به النهي كما في الحديث الذي رواه ابن ماجه بإسناد جيد أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "لا تزوجُ المرأةُ المرأةَ ولا تزوجُ المرأةُ نفسَها" (¬٤)، فإن صيغته صيغةُ خبر لوروده مضموم الجيم، ولو كان نهيًا لكان مجزومًا مكسورًا؛ لالتقاء الساكنين، والمراد به النهي (¬٥).
فهذا شرح الأقسام الستة عشر التي في الكتاب، وهي في الحقيقة أكثر؛ لاشتمال بعض أقسامها على نوعين، كما عرفت.
---------------
(¬١) انظر: شرح الكوكب ٣/ ٣٢.
(¬٢) قال الإسنوي رحمه الله تعالى: "قال في المحصول: والسبب في جواز هذا المجاز أن الأمر والخبر يدلان على وجود الفعل. وأراد أن بين المعنيين مشابهة في المعنى: وهي المدلولية؛ فلهذا يجوز إطلاق اسم أحدهما على الآخر". نهاية السول ٢/ ٢٥٠، وانظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٥٢، شرح الكوكب ٣/ ٣٢.
(¬٣) في (ص)، و (غ)، و (ك): "يقع".
(¬٤) أخرجه ابن ماجه ١/ ٦٠٦، في النكاح، باب لا نكاح إلا بولي، حديث رقم ١٨٨٢. والدارقطني في سننه ٣/ ٢٢٧ - ٢٢٨، والبيهقي في الكبرى ٧/ ١١٠. وانظر: نصب الراية ٣/ ١٨٨، تلخيص الحبير ٣/ ١٥٧. وقد صحح الألباني هذا الحديث كما في إرواء الغليل ٦/ ٢٤٨ - ٢٤٩.
(¬٥) ووجه المجاز هنا: أن النهي يدل على عدم الفعل، كما أن هذا الخبر يدل على عدمه، فبينهما مشابهة من هذا الوجه. انظر: المحصول ١/ ق ٢/ ٥٤، نهاية السول ٢/ ٢٥١، شرح الكوكب ٣/ ٣١.

الصفحة 1031