كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

والمقدمة الثانية: قطعية؛ لقيام الإجماع على أن حكم الله تعالى في حق كل مجتهدٍ ما أدَّاه إليه اجتهادُه، وفي حق مَنْ قلّده، حتى لو اعتقد خلافَ الإجماع لدليلٍ - كان حكمَ الله في حقِّه إلى أن يطلع على مخالفته الإجماع (¬١)، وهذا الإجماع (¬٢) نقله الشافعي في "الرسالة"، والغزالي في "المستصفى".
وإذا تقررت المقدمتان - كانت النتيجة: الوتر سنة في حَقِّ مَنْ ظنه، وهي قطعية؛ لأنها تابعة لمقدمتين قطعيتين، ولا يضرها وقوعُ الظن في مقدمتي القياس الأول ونتيجته (¬٣)، وهي طريق القياس الثاني؛ لأنَّ الظن إنما يضر إذا كان في مُقَدِّما الدليل، وهنا مُقَدِّمتا القياس قطعيتان، والمظنون خارج عنهما (¬٤)، ووجود الظن (الذي هو مقدمة
---------------
(¬١) سقطت من (ص).
(¬٢) وهو الإجماع على وجوب العمل بما ظنه المجتهد، وأنَّ هذا هو حكم الله تعالى في حقه، وحَقِّ مَنْ قلده. انظر: المستصفى ٤/ ١٢٨، شرح تنقيح الفصول ص ١٨، السراج الوهاج ١/ ٨٥.
(¬٣) وهي قوله: الوتر يصلى على الراحلة، وكلما يصلى على الراحلة فهو سنة. فالوتر سنة.
(¬٤) أي: عن المقدمتين، فليس داخلًا فيهما؛ لأنَّ تقدير المقدمتين: نقطع بأن الوتر مظنون سنيته، ونقطع بأن كل ما هو مظنون سنيته فهو سنة في حق من ظنه. فالمقدمتان لا تعلق لهما بالظن ودليله ودلالته، وإنما تعلقهما بوجود الظن، وأنه متى وجد وجب المصير إليه.
فائدة: تَنَبَّه إلى معنى المقدمة الأولى، وأن معناها: أقطع بأن السنية مظنونة. وهذا متفق عليه، وهو غير: أقطع بأن الوتر سنة. وهذا مختلف فيه.

الصفحة 105