كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

وتقرير ما احتج به أبو هاشم: أنه لا فارق بين السؤال والأمر إلا الرتبة، فإن رتبة الآمِر أعلى مِنْ رتبة السائل، والسؤال للندب فكذلك (¬١) الأمر؛ لأن الأمر لو دل على شيء غير الندب من إيجاب أو غيره - لكان بينهما فرقا آخر، وهو خلاف ما نقلوه. هذا تقرير الاحتجاج وقد يعبِّر بعض الشارحين: بأن الأمر لو دل على الإيجاب (¬٢). وهي عبارة صحيحة في الرد على القائلين بالوجوب، إلا أن أبا هاشم لم يأت بهذا الوجه لإبطال مذهب الوجوب، بل لتقرير مذهبه، فكان الأحسن أن يقال: بأن الأمر لو دل على شيء غير الندب، كما أوردناه، ولا يَخُصُّ الوجوب بالذكر.
وأجاب المصنف: بأن (¬٣) السؤال من (¬٤) حيث الوضع يدل على الإيجاب أيضًا؛ لأن صيغةَ "افعل" عند القائل بأنها للإيجاب - موضوعةٌ لوجوب الفعل مع المنع من الترك، وقد استعملها السائل، لكن لا يلزم من السؤال الوجوب؛ إذِ الوجوب حُكْم شرعي يستدعي إيجاب الشرع (¬٥)، ولذا لا يلزم المسؤول القبول.
فإنْ قلت: إذا دلَّ السؤال على الإيجاب لزم افتراقهما من وجه آخر؛ إذ إيجاب الأمر يدل على الوجوب بخلاف إيجاب السؤال.
---------------
(¬١) في (ت): "فكذا".
(¬٢) يعني: بدل قوله: لو دل على شيء. . . إلخ.
(¬٣) في (ص): "أن".
(¬٤) سقطت من (ت).
(¬٥) أي: الوجوب لا يثبت إلا بالشرع.

الصفحة 1070