كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

الوجوب، فمنهم مَنْ طَرَد فيه الخلاف، وحكم بالإباحة. ومنهم مَنْ قال: لا تأثير ههنا للوجوب المتقدم بل النهي يفيد التحريم، وبه قال الأستاذ، وقال: لا ينتهض الوجوب السابق قرينةً في حمل النهي على رفع الوجوب (¬١). وادَّعى الوِفَاق في ذلك. وفي "التلخيص" مختصر "التقريب والإرشاد" للقاضي دعوى الوفاق كما ذكر الأستاذ، فإنه قال في أثناء الحِجَاج: "لو صَحَّ ما قلتموه (¬٢) للزم أن تقولوا: إذا فرط الإيجاب وسبق التحتم ثم تعقبته لفظةٌ تقتضي تحريمًا لو قُدِّرت مطلقة (¬٣) - أنها لا تُحْمل على التحريم، وقد قلتم جميعًا: إنها محمولةٌ على التحريم (¬٤). انتهى. ولكن الخلاف ثابت مُصَرَّح به، وقال إمام الحرمين: "أما أنا فساحبٌ ذيلَ الوقف عليه، كما قدمته في صيغة الأمر بعد الحظر" (¬٥).
وقد فرق القائلون: بأن النهي بعد الوجوب للتحريم، مع قولهم: بأن الأمر بعد الحظر للإباحة - بوجوه:
أحدها: أن النهي لدفع المفاسد المتعلِّقة بالمَنْهي، والأمرَ لتحصيل
---------------
(¬١) يعني: لا يقوى أن يكون الوجوب السابق قرينةً في حمل النهي على رفع الوجوب السابق فقط دون أن يفيد التحريم، بل النهي بعد الوجوب يدل على التحريم.
(¬٢) من كون الأمر بعد الحظر يفيد الإباحة.
(¬٣) أي: مِنْ غير سبق الإيجاب والتحتم.
(¬٤) انظر: التلخيص ١/ ٢٨٨، ٢٨٩.
(¬٥) انظر: البرهان ١/ ٢٦٥.

الصفحة 1088