كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)
الشافعي (¬١)) (¬٢)، لكن شَرْط هذا القول الإمكانُ، دون أزمنة قضاء الحاجة والنوم وضروريات الإنسان، كما صَرَّح به أكثر الأصوليين، منهم الشيخ أبو إسحاق، وإمام الحرمين، وابن الصباغ في "عُدَّة العالِم"، والآمدي، وغيرهم (¬٣). قال صفي الدين الهندي: "ثم لا يخفى عليك أنه ليس المراد من التكرار هنا معناه الحقيقي: وهو إعادة الفعل الأول، فإن ذلك غير ممكن من المكَلَّف، (وإنما المراد مثله) (¬٤) ".
ولك أن تقول: ما تريد بقولك: ليس المراد إعادة ذلك الفعل الأول؟ أتريد الماهيةَ مع قيد التشخص في الأول، أم الماهية وحدها؟ الأول مسلَّم (¬٥)، والثاني ممنوع؛ لأن الماهية الموجودة في الأول موجودة في الثاني بعينها.
والثالث: أنه يدل على المَرَّة ولا يحتمل التكرار، وإنما يُحْمل عليه بدليل. ونقله الشيخ أبو إسحاق عن أكثر أصحابنا، وأبي حنيفة (¬٦)، وأكثر الفقهاء، وعن اختيار شيخه القاضي أبي الطيب، والشيخ أبي حامد (¬٧).
---------------
(¬١) انظر: الكاشف ٣/ ٢٨٨.
(¬٢) في (غ): "الأصحاب للشافعي".
(¬٣) انظر: اللمع ص ١٤، شرح اللمع ١/ ٢٢٠، البرهان ١/ ٢٢٤، الإحكام ٢/ ١٥٥، نفائس الأصول ٣/ ١٢٩١، بيان المختصر ٢/ ٣٢، البحر المحيط ٣/ ٣١٣.
(¬٤) عبارة "نهاية الوصول" ٣/ ٩٢٢: "بل المراد منه: تحصيل مثل الفعل الأول". وانظر: كشف الأسرار ١/ ١٢٢.
(¬٥) أي: يستحيل إعادته.
(¬٦) لم أجد أحدًا من الحنفية عزى هذا القول لأبي حنيفة رضي الله عنه.
(¬٧) أي: أبي حامد الإسفراييني. انظر: شرح اللمع ١/ ٢٢٠.