كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

أجاب: بأن الفورية لم تُسْتَفَد من الأمر، بل من قوله: {وَسَارِعُوا}، يعني: من جوهر اللفظ (¬١)؛ لأن لفظ المسارعة دال عليه (¬٢) كيف ما تَصَرَّف (¬٣)، بل لمُبَاحِثٍ أنْ يَقْلِب هذا الدليل ويستدل به على عدم الفورية (¬٤)؟ ، لأن المسارعةَ: مباشرةُ الفعل في وقتٍ مع جواز الإتيان به في غيره.
ولقائلٍ أن يقول: لا نسلم تفسير المسارعة بما ذكرتم، بل المسارعة: عبارة عن التعجيل بالفعل المطلوب. كما تقول: سارعت إلى إنقاذ الغريق، وإنْ كانت المبادرة إلى ذلك واجبة. وذلك أعم من أن يجوز مع ذلك فعلُه في وقتٍ آخر أم لا.
تم قولكم: الفوريَّة لم تُسْتفد من الأمر بل من مادة {وَسَارِعُوا} فيه (¬٥) تسليمٌ لوجوب فعل المأمورات الشرعية على الفور، بما دلَّ على ذلك من قوله: {وَسَارِعُوا} (¬٦). فحاصل ما أجبتم به أنكم سلمتم ثبوت الفَوْر في المأمورات، ولكنكم (¬٧) قلتم: إنَّ ذلك ليس من مدلول الأمر بل مِنْ دليلٍ منفصلٍ، وهذا يحصل به معظم مقصود الخصم؛ إذ الغرض الأعظم إنما هو
---------------
(¬١) أي: من حروف اللفظ وهي مادة: سَارِعوا، لا من صيغة الأمر.
(¬٢) أي: على الفور.
(¬٣) أي: سواء كان ماضيًا، أم مضارعًا، أم أمرًا.
(¬٤) في (ص): "الفور".
(¬٥) سقطت من (ت).
(¬٦) لأن جميع المأمورات الشرعية مأمور بالمسارعة إليها.
(¬٧) في (ص)، و (غ)، و (ك): "ولكن".

الصفحة 1136