كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

فأفاد النهيُ الفورَ بضرورةِ دخولِ وقتِ الحال في الأوقات، لا لذاته.
وهذا الجواب قد تقدم مثله، وقد ناقضه بعد هذا حيث يقول: النهي كالأمر في التكرار والفور (¬١). فكان الأولى أن يجيب: إما بأن النهي لا يفيد الفور، أو بأن هذا قياس في اللغة فلا يقبل.
وقد استدل القائلون بالفور أيضًا بوجه سادس لم يذكره في الكتاب: وهو طريقة الاحتياط، فإنا أجمعنا على أنه لو فعل عقيبه (¬٢) وقع الموقِع (¬٣)، ولا عبرةَ بالمذهب الضعيف المتقدم (¬٤) إنْ ثَبتَ؛ لمصادمته للإجماع. واختلفنا في أنه لو فعل بعد ذلك هل يخرج عن العهدة؟ فطريقة الاحتياط تقتضي وجوبَ الإتيان به على الفور؛ ليحصل الخروج عن (¬٥) العهدة بيقين.
وأجاب الإمام: بأنه ينتقض بقوله: افعل في أيِّ وقتٍ شئت (¬٦).
واعترض صاحب "التحصيل" على هذا الجواب: "بأن طريقة الاحتياط غير منقوضة؛ إذ لا خوف ثمة (¬٧) " (¬٨).
---------------
= مباشرةً، وذلك لأن التكرار شامل لكل الأوقات، بما فيه وقت الحال، وهو الوقت الذي يلي ورود النهي مباشرة.
(¬١) أي: مقتضى هذا الكلام أن يكون النهي لغير التكرار ولغير الفور؛ لأنه كالأمر. وهو يناقض ما أجاب به هنا.
(¬٢) أي: عقيب الأمر.
(¬٣) يعني: وقع على الوجه الصحيح.
(¬٤) وهو قول غلاة الواقفية بأن المبادر لا يُقطع بامتثاله.
(¬٥) في (غ): "من".
(¬٦) انظر: المحصول ١ / ق ٢/ ٢٠٠، ٢٠٤.
(¬٧) أي: لا خوف هنا لأنه صَرَّح بالتخيير، والاحتياط إنما يكون في غير حالة التصريح.
(¬٨) انظر: التحصيل ١/ ٢٩١، وكذا أجاب صفي الدين الهندي في نهاية الوصول ٣/ ٩٦٣.

الصفحة 1140