كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)
قوله: افعل، من غير ضميمةٍ، هذا كُلُّه كلام ابن الجزري، وفيه نظر يحتاج إلى تطويل.
وقال التبريزي: التمسك على الفور بطريقة الاحتياط ضعيف؛ لأن الاحتياط ليس من أمارات الوضع (¬١)، ولا من مقتضيات الوجوب (¬٢)، بل هو من باب الأصلح (¬٣). ثم قوله: افعل الآن - يُعَدُّ تأكيدًا (¬٤)، وفي أي وقت شئت - يعد تخفيفًا ومسامحة (¬٥) (¬٦).
قال القرافي: ويَرِد عليه أن ها هنا قاعدةً خفيةً عادةُ الفضلاء يُوردون بسبب إهمالِها سؤالًا، فيقولون في كل ما يقول المستدل فيه: هذا أرجح، فيجب المصير إليه: إنَّ الرجحان يقتضي أنه أحسن، أما أنه المتعيِّن فلا (¬٧)، بل الندب هو اللازم في هذه المواطن التي فيها الرجحان بالاحتياط (¬٨)، ونحو ذلك؛ إذ فعل الأحسن مستحب ولا يصل إلى الوجوب، قال:
---------------
(¬١) أي: ليس الاحتياط من القرائن اللفظية التي تحدد معنى اللفظ ودلالته.
(¬٢) أي: الاحتياط لا يقتضي الوجوب، وإلا لأصبح كلُّ مُخْتَلَفٍ فيه واجبًا، وهذا باطل.
(¬٣) يعني: الأفضل والأصلح لدين المكلف أن يحتاط، ولذلك قالوا: الخروج من الخلاف مستحب، من جهة كون الخروج من الخلاف أسلم وأصلح لدين المكلف.
(¬٤) يعني: قوله: "افعل" يفيد الفورية بنفسه، وقيد "الآن" لا يدل على معنى جديد، بل يؤكِّد المعنى الأول.
(¬٥) يعني: فهذا القيد مخالفٌ لمقتضى "افعل"، فيكون نوعًا من التخفيف.
(¬٦) انظر: نفائس الأصول ٣/ ١٣٣٤.
(¬٧) يعني: فالفورية أحسن، لا أنها مُتعيِّنة.
(¬٨) وعلى هذا فنحمل الفورية على الندب لا على الوجوب.