كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

فقوله: "الذي" صفةٌ لمحذوف، أي: الفعل الذي، فالفعل جنس يشمل الخمسة، و"الذي يُذَمُّ تاركه" (¬١): أخرج المندوب، والحرام، والمكروه، والمباح.
وعادة الأصوليين يقولون: الذي يُذَم: يُخْرج المندوب والمكروه والمباح، وتاركه: يُخْرج الحرام. وكان الباجي يشرحه كذلك، وأنا لا أختار هذا (¬٢)؛ لأنَّ الذي يُذم وحده لا يصلح أن يكون فصلًا (¬٣)، ألا ترى أنك لو قلتَ: الفعل: الذي يذم - لم يكن جنسًا للمحدود، ولا مفيدًا للمقصود (¬٤).
وقوله: "شرعًا" احتراز عن مذهب المعتزلة، فإن عندهم الذم بالعقل، فأشار بهذا إلى قاعدة الأشاعرة، وهي أنَّ الأحكام لا تثبت إلا بالشرع (¬٥)،
---------------
(¬١) هذه هي الخاصة الثانية في الرسم، وقد قدمها الشارح على الأولى، مع تنويهه بذلك في كلامه الآتي.
(¬٢) هذا الذي اختاره الشارح، اختاره الجاربردي؛ إذ قال في السراج الوهاج ١/ ١٠٤: أقول: قوله: "يذم الشرع تاركه" خرج به الندب، والحرمة، والكراهة، والإباحة.
(¬٣) هذا سهو من الشارح - رحمه الله تعالى -، والصواب: لا يصلح أن يكون خاصة. وهو ما سبق أنْ ذكره في الأسطر التي قبله.
(¬٤) يعني: أنك لو عَرَّفت الفعل بأنه: الذي يذم. فليس هذا جنسًا للمحدود؛ لأنَّ الذم أمر خارجي ليس ذاتيًا، وليس مفيدًا للمقصود؛ لأنَّه لا يدل على المعنى الذي يقصده المعرِّف، فهو لا يصلح أنْ يكون خاصة.
(¬٥) هذا يخالف ما قرره الشارح - رحمه الله تعالى - سابقًا في تعريف الفقه في قيد "الشرعية"، وأن هذا القيد ليس فيه تنبيه على مخالفة المعتزلة في هذا؛ إذ الحكم عندهم شرعي، وإنما العقل طريق إليه. =

الصفحة 143