كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

والعارف بهذه العلوم لا يحتاج إلى أصول الفقه في (شيء من ذلك، وغير العارف بها لا تُغنيه أصول الفقه في) (¬١) الإحاطة بها، فلم يبق من أصول الفقه إلا الكلام في الإجماع، (والقياس، والتعارض والاجتهاد، وبعض الكلام في الإجماع) (¬٢) من أصول الدين أيضًا، وبعض الكلام في القياس والتعارض مما يستقبل به الفقيه، فصارت فائدةُ أصول الفقه بالذات قليلةً جدًا، بحيث لو جُرِّد الذي ينفرد به ما كان إلا شيئًا يسيرًا.
قلتُ: ليس كذلك، فإن الأصوليين دَقَّقُوا في فَهْم أشياء من كلام العرب لم يصل إليها النحاة ولا اللغويون، فإن كلام العرب متسع جدًا، والنظر فيه متشعب، فكتب اللغة تَضْبط الألفاظ ومعانيها الظاهرة، دون المعاني الدقيقة التى تحتاج إلى نظر الأصولي، واستقراءٍ زائدٍ على استقراء اللغويّ.
مثاله: دلالةُ صيغة "افعل" على الوجوب، و"لا تفعل" على التحريم، وكون: كُلّ وأخواتِها للعموم، وما أشبه ذلك مما ذكر السائل أنه من اللغة. لو فتشتَ كتبَ اللغة لم تجد فيها شيئًا (¬٣) في ذلك، ولا تعرضًا لما ذكره الأصوليون، وكذلك كتب النحو لو طلبتَ معنى الاستثناء، وأن الإخراج هل هو قبل الحكم أو بعد الحكم، ونحو ذلك من الدقائق التي تعرض لها الأصوليون، وأخذوها باستقراء خاص من كلام العرب، وأدلةٍ
---------------
(¬١) سقطت من (ص)، و (ك).
(¬٢) سقطت من (ص).
(¬٣) في (ص)، و (ك): "شفاء". وهو خطأ.

الصفحة 15