كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

ومثال التقييد بالصفة: قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ} (¬١)، ثم قال: {لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا} (¬٢) يعني الرغبةَ في مراجعتهن، ولا ريب في أن ذلك لا يتأتى في الطلاق البائن، فهل يقتضي ذلك تخصيصَ الطلاق (¬٣) المذكور في أول الكلام بالرجعي (¬٤)؟
ومثال التقييد بحكمٍ آخر ما أورده المصنف، وقد شرحناه.
واحتج المصنف بأن عود الضمير لا يزيد على إعادة ذلك البعض، ولو صَرَّح بالإعادة فقيل: "وبعولة المطلقات أحق بردهن" في المثال الأول، أو: "إلا أن تعفو العاقلات البالغات" في المثال الثاني، أو: "يُحْدِثُ أمرًا في الرجعيات" في المثال الثالث - لم يكن ذلك مُخَصِّصًا اتفاقًا، فكذلك هنا.
واحتج المتوقف: بأن ظاهرَ العموم يقتضي الاستغراق، وظاهرَ الكناية يقتضي مطابقتها للمَكْني في العموم والخصوص، وليست مراعاة ظاهر العموم بأولى (¬٥) من مراعاة ظاهر الكناية، فوجب التوقف.
وأجيب عنه: بأنا لا نسلم أنه ليست مراعاة أحدهما بأولى من مراعاة الآخر، بل مراعاة إجراء العام على عمومه - أولى مِنْ مراعاة مطابقة الكناية للمَكْني، لأن المكنيَّ أصلٌ، والكناية تابعةٌ؛ لأنها تفتقر في
---------------
(¬١) سورة الطلاق: الآية ١.
(¬٢) سورة الطلاق: الآية ١.
(¬٣) سقطت من (ص).
(¬٤) انظر: نهاية الوصول ٥/ ١٧٦٥.
(¬٥) في (ت)، و (غ): "أولى".

الصفحة 1545