كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 4)

متضادان (¬١)، فرجعنا إلى أصل الإطلاق (¬٢). ثم إن هذا الحديث يقتضي عدمَ جريان التحالف مطلقًا، وهم لا يقولون به، ثم إنه يرويه الحسن بن عمارة وهو متروك رديء الحفظ (¬٣).
والثاني: أن الحديث المشتمل على التقييد بكون السلعة قائمة - يرويه القاسم بن عبد الرحمن (¬٤) عن ابن مسعود، ولم يَلْقَه؛ فيكون مرسلًا، ونحن لا نقول بالمراسيل.
والحق أن الحديث الذي رَوَوْه من التقييد (بقيام السلعة ضعيف،
---------------
= بهذا الحكم، بل يقولون بالتحالف كما ورد في الحديث الآخر، لكنهم يعملون بهذا الحديث في حالة الاستهلاك وهو أن القول قول المشتري، مع أن هذا معارَض بحديث: "إذا اختلف المتبايعان، والمبيع مُستهلَكٌ - فالقول قول البائع".
(¬١) أي: حديث: "إذا اختلف المتبايعان والمبيع مستهلك فالقول ما قال البائع" مقيد بحالة استهلاك المبيع، والحديث الآخر: "إذا اختلف المتبايعان فالقول ما قال البائع" وهو مقيد بحالة قيام السلعة، كما سبق بيانه في الهامش السابق، وهما قيدان متضادان.
(¬٢) أي: فلم يعمل الشافعي بأيٍّ من الحديثين؛ لكون القيدين متضادين، فرجع إلى أصل الإطلاق، وهو اختلاف المتبايعين، وأنهما يتحالفان سواء كانت السلعة قائمة أو تالفة، ولا يترجح قول أحدهما على الآخر.
(¬٣) انظر: تهذيب ٢/ ٣٠٤، تقريب ص ١٦٢.
(¬٤) هو القاسم بن عبد الرحمن الشامي، أبو عبد الرحمن الدمشقي. قال الذهبي: "يُرسل كثيرًا عن قدماء الصحابة كعليٍّ، وتميم الداريّ، وابن مسعود، ويروي عن أبي هريرة، وفضالة بن عبيد، ومعاوية، وأبي أمامة، وعدة". وقال أبو حاتم: "روايته عن عليٍّ وابن مسعود مرسلة" قال ابن حجر: "صدوق يُغرِب كثيرًا". مات سنة ١١٢ هـ. انظر: سير ٥/ ١٩٤، تهذيب ٨/ ٣٢٢، تقريب ص ٤٥٠.

الصفحة 1560