كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

خاصة لا تقتضيها صناعةُ النحو - فهذا ونحوه مما تكفَّل به أصول الفقه، ولا يُنْكَر (¬١) أن له استمدادًا من تلك العلوم، ولكن تلك الأشياء التي استمدها منها لم تُذكر فيه بالذات بل بالعَرَض، والمذكور فيه بالذات ما (¬٢) أشرنا إليه (¬٣) مما لا يوجد إلا فيه، ولا يصل إلى فهمها إلا مَنْ تكيَّف به.
فإن قلتَ: قد كانت العلماء في الصحابة والتابعين (وأتباع التابعين) (¬٤) من أكابر المجتهدين، ولم يكن هذا العلم حتى جاء الشافعي وصنف فيه، فكيف تجعله (¬٥) شرطًا في الاجتهاد!
قلت: الصحابة ومَنْ بعدهم كانوا عارفين به بطباعهم، كما كانوا عارفين النحو (¬٦) بطباعهم، قبل مجيء الخليل (¬٧) وسيبويه، فكانت ألسنتهم قويمةً، وأذهانهم مستقيمةً، وفهمهم لظاهر كلام العرب ودقيقه عتيدٌ (¬٨)؛ لأنهم أهله الذين (¬٩) يؤخذ عنهم، وأما بعدهم
---------------
(¬١) في (ك): "تنكر".
(¬٢) في (ت): "مما".
(¬٣) سقطت من (ت).
(¬٤) سقطت من (ت).
(¬٥) في (ك): "نجعله".
(¬٦) في (ت)، و (ك): "بالنحو".
(¬٧) هو الخليل بن أحمد الأزديّ الفراهيديّ، أبو عبد الرحمن البصريّ، مُنشئ علم العَرُوض. ولد سنة ١٠٥ هـ. قال عنه ابن حبان: "كان مِنْ خيار عباد الله المتقشفين في العبادة". كان يملي علمه من حفظه. مات بعد ١٦٠ هـ، وقيل: سنة سبعين، أو بعدها. انظر، سير: ٧/ ٤٢٩، تهذيب: ٣/ ١٦٣، تقريب: ١٩٥.
(¬٨) أى: جسيم. في اللسان: ٣/ ٢٧٩: عَتُدَ الشيءُ عَتَادًا، فهو عَتِيدٌ: جَسُم.
(¬٩) في (ت)، و (ص)، و (ك): "الذي".

الصفحة 16