كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

للحكم لذاته، أو لصفة ذاتية (¬١) بل المراد منه إما المُعَرِّف، وعليه الأكثرون، وإما المُوجِب لا لذاته، ولا لصفةٍ ذاتية، ولكن بجعل الشرع إياه مُوجبًا، وهو اختيار الغزالي (¬٢).
والإمام وافق الأكثرين (¬٣) معنىً وخالفهم لفظًا، وخالف الغزالي معنىً ولفظًا.
وإلى موافقة الأكثرين في المعنى دون اللفظ أشار المصنف بقوله: "فإنْ أُرِيد بالسببية الإعلام (¬٤) - فحقٌّ، وتسميتها حكمًا بحث لفظي" (¬٥).
وإلى مخالفة الغزالي لفظًا ومعنى أشار ببقية كلامه، فإن الإمام زَيَّف كلام الغزالي من ثلاثة أوجه:
أحدها: أنَّ الزنا حادث، والإيجاب قديم، والحادث لا يؤثر في القديم.
---------------
(¬١) وإلا كان مُوجِبًا له قبل ورود الشرع. الإحكام للآمدي ١/ ١٨٣.
(¬٢) انظر: المستصفى ١/ ٣١٤، ٣١٦.
(¬٣) وهم القائلون بالمعرِّف.
(¬٤) أي: المعرِّف، على معنى أنَّ الشارع قال: مهما رأيتَ إنسانًا زنى فاعلم أني أوجبتُ الحدَّ عليه. شرح الأصفهاني على المنهاج. ١/ ٦٧.
(¬٥) أي: تسمية السببية حكمًا مع كونها الإعلام بالحكم لا الحكم ذاته - مبحثٌ لفظي. فالإمام وافق الأكثرين في كون السببية إعلامًا، أي: معرِّفا، وخالفهم لفظًا من حيث إنَّ إطلاق الحكم على السببية بمعنى المعرِّف لا ينبغي، وهذا الخلاف مبحث لفظي، مبني على تفسير الحكم، فإنْ قلنا: الحكم: خطاب الله تعالى المتعلِّق بأفعال المكلفين بالاقتضاء أو التخيير أو الوضع - فالسببية والمُسَبَّبِيَّة حكم. وإن لم يُعتبر الوضعُ فلا يكون حكمًا. انظر: السراج الوهاج ١/ ١١٣، نهاية السول ١/ ٩٢ - ٩٣.

الصفحة 176