كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

القضاء في حد الصحة، كما ظنه الأصوليون (¬١)، بل لأنَّ شرط الصلاة الطهارة في نفس الأمر (¬٢)، والصلاة بدون شرطها فاسدة، ولا مأمورٌ بها، بل هو ظَنَّ أَنَّه متطهِّر فترتب عليه الحكم، بمقتضى ظَنِّه، وأمْرُه (ظاهرًا بها) (¬٣) كأمر المجتهد المخطئ بما ظنه، وغايته أَنَّه سقط عنه الإثم، وأما أَنَّه أتى بالمأمور به فلا.
وقولهم: إنَّ المأمور به صلاة على مقتضى ظنه (¬٤) ممنوع (¬٥)، بل صلاة على شروطها في نفس الأمر، ويسقط عنه الإثم بظنه وجودَها (¬٦).
---------------
(¬١) انظر: السراج الوهاج ١/ ٦٤، نهاية السول ١/ ٩٧، شرح الإصفهاني ١/ ٧١، بيان المختصر ١/ ٤٠٩، المحصول ١/ ق ١/ ١٤٢.
(¬٢) يعني: ليس تسمية الفقهاء لهذه الصلاة الواجب قضاؤها - فاسدةً، باعتبار أنَّهم يشترطون سقوط القضاء في تعريف الصحة، كما ظن الأصوليون ذلك؛ بل لأنَّ شرط الصلاة الطهارة في نفس الأمر.
وأنا لا يتبين لي فرق بين التعليلين، بل تعليل صحة الصلاة بكونها مسقطة للقضاء، هو ذاته تعليلها بكونها موافقة لنفس الأمر؛ لأنَّ سقوط القضاء متفرع عن الموافقة في نفس الأمر، فالموافقة ملزوم، وسقوط القضاء لازم، وهما لا ينفكان، فالتعبير بأحدهما تعبير بالآخر. قال في فواتح الرحموت ١/ ١٢١: "فموافقة الأمر وسقوط القضاء متلازمان".
(¬٣) في (ت): "ظاهر أنَّها".
(¬٤) انظر: شرح تنقيح الفصول ص ٧٦، شرح الكوكب ١/ ٤٦٥.
(¬٥) في (ك)، و (ص): "فممنوع".
(¬٦) ولذلك قال في فواتح الرحموت: "فإن الأمور بالصلاة إنما أُمر بالطهارة الواقعية، لكن لما كان العلم بها متعسِّرًا اكتُفِي بالظن، فصلاة الظان فاسدة في نفس الأمر، ولم يُوجَد موافقة الأمر في الواقع، وذمته مشغولة بالقضاء، وإنما لا يأثم بل يؤجر بقصده إلى الامتثال، والله تعالى تجاوز عن الخطأ والسهو، ووعد أنْ يثيب على النية".

الصفحة 183