كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

وخالف ابن الحاجب الجمهور فقال: إنَّ الصحة والبطلان أو الحكمَ بهما أمر عقلي (¬١).
وقال في "المنتهى": القول بأنَّ الحكم بالصحة والبطلان حكم شرعي بعيد. وحجته أنَّ الموافقة أمر عقلي، وقد فسرنا الصحة بها (¬٢).
وأُورِدَ عليه: أنَّ العقلي ما لا مدخل للشرع فيه، وهذا للشرع فيه مدخل، فتسميته شرعيًا غير بعيد.
وفَهِم بعضُ مَنْ شرح كتابه أَنَّه لا يطرد قوله في صحة العقود؛ لأنَّ ترتب الأثر شرعي (¬٣). ولا يَبْعُد طَرْدُه؛ لأنَّ الصحة ليست ترتب الأثر، بل كونه بحيث يترتب الأثر عليه، ومعنى ذلك وقوعه على وجه مخصوص، وذلك أمر عقلي (¬٤)، لكن تسميته شرعيا باعتبار أنّ للشرع
---------------
(¬١) انظر بيان المختصر ١/ ٤٠٧، منتهى السول والأمل ص ٤١.
(¬٢) أي: فسرنا الصحة بالموافقة، يعني: موافقة أمر الشرع. قال الأصفهاني في بيان المختصر ١/ ٤٠٩: "وإنما قلنا: إنها أمر عقلي؛ لأنَّ الصحة في العبادة إما كون الفعل مُسْقطًا للقضاء، كما هو مذهب الفقهاء، أو موافقته لأمر الشريعة، كما هو مذهب المتكلمين. فصلاة مَنْ ظَنَّ أَنَّه متطهر، ثم تبين خطؤه - غيرُ صحيحة على الأول؛ لعدم سقوط القضاء، وصحيحة على الثاني؛ لكونها متوافقة لأمر الشرع. ولا شك أنَّ العبادة إذا اشتملت على أركانها وشرائطها - حكَمَ العقل بصحتها بكل من التفسيرين، سواء حكم الشارع بها أو لا".
(¬٣) أي: فهم بعض من شرح كتاب ابن الحاجب أنَّ قوله: بأن الصحة أمر عقلي، لا يجري في صحة العقود؛ لأنَّ صحة العقود معناها: ترتب أثرها عليها، وترتب الأثر شرعي، فلا يصح أنْ يقال عنه إنَّه عقلي كما يقول ابن الحاجب.
(¬٤) يعني: أَنَّه لا يبعد أنْ يكون قول ابن الحاجب مطردًا في صحة جميع العقود؛ وذلك =

الصفحة 187