كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)

أنه لو صرح بهذا القدر (¬١) لم يكن تعديلًا (¬٢). هذا جواب المصنف.
ولقائل أن يقول: لا نسلم أن قوله: "قال" يقتضي الجزم، ولِمَ قلتم: إنه لا يكفي الظنُّ مُسَوِّغًا لإطلاق هذه اللفظة.
ثم لا نسلم أنه ليس أحدهما أولى؛ لأن قوله: "قال" تقتضي إسناد القول لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وفي حَمْلِه على أنه يَظُنُّ ذلك تبقيةٌ لذلك الإسناد، بخلاف حمله على السماع؛ إذ قد يَسْمع ويَقْطع بكذب مَنْ سمع منه، ولا يجوز له والحالة هذه أن يقول: "قال" فَحَمْله على ظَنِّ القول (أقرب وأوْلى مِنْ حمله على السماع. والحاصل: أن مجرد السماع لا يُسَوِّغ له أن يقول) (¬٣): "قال"، فلا بد من ضم الظن إليه.
قوله: "قيل: الصحابة" احتج القائلون بالمراسيل: بأن الصحابة رضي الله عنهم أرسلوا عدة أحاديث لم يصرحوا فيها بالسماع من النبي - صلى الله عليه وسلم -، بل قالوا: "قال"، وقَبِلها كُل أحدٍ منهم.
والجواب: أنها إنما قُبلت للظن الغالب القاضي بأن الصحابي سمعها من النبي - صلى الله عليه وسلم -، والعمل بالظن واجبٌ.
وهذا في الحقيقة ليس بمرسل؛ لأن المرسل كما عرفت: قولُ من لم يلق
---------------
(¬١) وهو قوله: إني سمعت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قاله.
(¬٢) تتمة الدليل في المحصول ٢/ ق ١/ ٦٥٦: "لأنه لو سمعه من كافرٍ متظاهر بالكفر - لحلَّ أن يقول: سمعت أنه قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -؛ فعلمنا سقوط ما ذكروه".
(¬٣) سقطت من (ت).

الصفحة 1994