كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)

والوجه الثاني: قال الإمام: "وهو الأقوى، أنا نعلم بالضرورة أن الصحابة الذين رَوَوْا هذه الأخبار عن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كانوا يكتبونها في ذلك المجلس، ولا يكررون عليها فيه، بل كما سمعوها تركوها، وما رَوَوْها إلا بعد الأعصار والسنين، وذلك يوجب القطع بتعذر روايتها على تلك الألفاظ" (¬١).
والثالث: أن الصحابة رضي الله عنهم ربما نقلوا القصة الواحدة بألفاظٍ مختلفة، وكتب الحديث تشهد بذلك، ومن الظاهر أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لم يذكر تلك القصة بجميع تلك الألفاظ، بل نحن في بعضها (¬٢) قاطعون بذلك، وكان هذا شائعًا بينهم ذائعًا غير مُنْكَرٍ من أحد، فكان إجماعًا على نقل الحديث بالمعنى (¬٣).
قال أبو المظفر بن السمعاني: "ومما يدل على ذلك رواية الصحابى المَنَاهي عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، مثل: نهيه عن بيعتين في بيعة (¬٤)،
---------------
(¬١) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٦٧١.
(¬٢) أي: في بعض الألفاظ.
(¬٣) انظر: نهاية الوصول ٧/ ٢٩٦٨ - ٢٩٦٩، الإحكام ٢/ ١٠٤.
(¬٤) أخرجه الترمذي ٣/ ٥٣٣، في كتاب البيوع، باب ما جاء في النهي عن بيعتين في بيعة، رقم ١٢٣١. والنسائي ٧/ ٢٩٥ - ٢٩٦، في كتاب البيوع، باب بيعتين في بيعة، من حديث أبي هريرة. وفي الباب حديث عبد الله بن عمرو وابن عمر وابن مسعود رضي الله عنهم. قال الترمذي: "حديث أبي هريرة حديث حسن صحيح، والعمل على هذا عند أهل العلم. وقد فسَّر بعض أهل العلم قالوا: بيعتين في بيعة أن يقول: أبيعك هذا الثوب بنَقْدٍ بعَشَرة، وبنسيئةٍ بعشرين، ولا يفارقه على أحد =

الصفحة 2005