كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)
كبيرِه وصغيرِه في قول وفعل؛ لأنَّ تعديلهم من الله تعالى، وهو عليم بالسر والعلانية، فلو كان فيهم (¬١) عاصٍ لما عَدَّله، بخلاف تعديلنا، فإنه مبني على ظننا وما أدَّى إليه نظرنا، مع احتمال خلافه في نفس الأمر.
فإنْ قلت: الآية متروكة الظاهر؛ لأن وصف الأمة بالعدالة يقتضي اتصاف كلِّ واحدٍ منهم بها، وخلاف ذلك معلومٌ بالضرورة، فلا بد مِنْ حَمْلها على البعض، (ونحن نحملها) (¬٢) على الإمام المعصوم.
قلت: لا نسلم أنها متروكة الظاهر، قوله: لأنها تقتضي كون كلِّ واحد منهم عدلًا. قلنا: لمَّا ثبت أنه لا يجوز إجراؤه على ظاهره - وجب أن يكون المرادُ امتناعَ خلو الأمة عن العدول. وقوله: نحمله على الإمام المعصوم. قلنا: قوله: {جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} صيغة جَمْع فحَمْله على الواحد خلافُ الظاهر. هذا كلام الإمام سؤالًا وجوابًا (¬٣).
وقد يقال: لا يجامع قولُ الإمام: لا نسلم أنها متروكة الظاهر - قولَه: لَمَّا ثبت أنه لا يجوز إجراء اللفظ على ظاهره إلى آخره. وهو سؤال قوي.
ويمكن أن يقال في جوابه: إنَّ الخصم ادَّعى أن ظاهرَ الآية موضوعُ اللفظ: وهو تعديل كل واحد، وهو غير مُراد. والإمام أجاب بمنع كونها متروكةَ الظاهر، ومراد الإمام بظاهرها غيرُ مرادِ الخصم. فقوله: لا نسلم أنها متروكة الظاهر، يعني: بالمعنى الذي نعنيه نحن بالظاهر.
---------------
(¬١) في (ت): "منهم".
(¬٢) في (ت)، و (ص): "ونحن فنحملها". وهو خطأ.
(¬٣) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ٩٣.