كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)
وأما إمام الحرمين فقد اعترف بأنه ليس في السمعيات قاطع على أن الإجماع واجب الاتباع، وسلك طريقًا آخر عقليًا فقال: "الطريق القاطع على أنه حجة قاطعة أنا نقول: للإجماع صورتان نذكرهما، ونذكر السبيل المَرْضِي في إثبات الإجماع في كل واحدةٍ منهما:
إحداهما: أن يُصادف (¬١) علماء العصر على توافرهم في أطراف الخُطَّة وأوساطها مُجْمِعون (¬٢) على حكمٍ مظنون (والرأي فيه مضطَرِب) (¬٣)، فيُعْلم والحالة هذه أن اتفاقهم إنْ وقع فلا يُحمل على وفاق اعتقاداتهم وجريانها على منهاج واحد (¬٤)، فإنَّ ذلك مع تطرق وجوه الإمكان واطراد الاعتياد مستحيل (¬٥)، بل يستحيل اجتماع العقلاء على معقولٍ مقطوعٍ به في أساليب العقول إذا كان لا يُتطرق إليه إلا (¬٦) بانضمام (¬٧) نَظَرٍ وسَبْرِ (¬٨) فكرٍ؛ وذلك لاختلاف الناظرين في
---------------
(¬١) في البرهان ١/ ٦٨٠: "نصادف".
(¬٢) الصواب: "مجمعين"، كما في البرهان.
(¬٣) في (ص): "وللرأي فيه مُضْطَرَب". والمعنى أن ذلك الحكم المظنون للرأي والعقل فيه اضطراب واختلاف؛ لكونه ظنيًا لا قطعيًا.
(¬٤) يعني: اتفاقهم في تلك المسألة إنْ وقع فلا يُحمل على أنهم اتفقوا على هذا الظني كاتفاقهم على المعتقدات القطعية التي لا تحتمل الخلاف.
(¬٥) في (ت): "يستحيل".
(¬٦) سقطت من (ت).
(¬٧) في البرهان ١/ ٦٨٠: "بإنعام". ولعلها: "بإمعان".
(¬٨) في البرهان: "وتسديد".