كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)
نظرهم، فإذا كان حكم العادة هذا في النظري القطعي، فما الظن بالنظري الظني الذي لا يُفْرض فيه قطع!
فإذا تقرر أنَّ اطراد الاعتياد يُحيل اجتماعَهم على (فنٍّ في الظن) (¬١)، فإذا ألفيناهم قاطعين بالحكم (لا يرجمون) (¬٢) فيه رأيًا، ولا يرددون قولًا - فيعلم قطعًا أنهم أسندوا الحكم إلى شيءٍ سمعي قطعي عندهم، ثم لا يبعد سقوط النقل فيه.
والصورة الثانية: إذا أجمعوا (¬٣) على حكمٍ وأسندوه إلى الظن وصَرَّحُوا به - فهذا أيضًا حجة قاطعة، والدليل عليه أنا وجدنا العصبة الماضين والأئمة المنقرضين متفقين على تبكيت مَنْ يخالف إجماع علماء الدهر، فلم يزالوا ينسبون المخالفَ إلى المروق، والمحادَّة والعقوق، ولا
---------------
(¬١) في (ص): "قول الظن". وغالب الظن أنها من تصرف الناسخ؛ إذ هذه العبارة غير موجودة في البرهان، والمثبت من (ت)، و (غ)، وهو موافق لبعض نسخ البرهان، وعبارة بعض النسخ منه: "فنٍّ من النظر". انظر: البرهان ١/ ٦٨٠.
(¬٢) في البرهان ١/ ٦٨٠,: "لا يُرجِّعون" والمثبت أقرب. ومعنى "لا يَرْجمون" أي: لا يظنون، من الرَّجْم وهو الظن. قال في اللسان ١٢/ ٢٢٧: "والرَّجْم: القول بالظن والحدْس. وفي الصِّحاح: أن يتكلم الرجل بالظن، ومنه قوله: {رَجْمًا بِالْغَيْبِ}. ومعنى: "لا يرجِّعون" أي: لا يردِّدون. ومنه قولهم: رجَّع الرجلُ وترجَّع: ردَّد صوته في قراءة، أو أذان، أو غناء، أو زَمْر، أو غير ذلك مما يترنَّم به. وترجيع الصوت: ترديده في الحَلْق كقراءة أصحاب الألحان. انظر: لسان العرب ٨/ ١١٥. وفيه أيضًا: "وكلُّ شيءٍ مُرَدَّدٍ من قولٍ أو فعلٍ فهو رَجِيع؛ لأن معناه مَرْجُوعٌ أي: مردود" ٨/ ١١٧، مادة (رجع). وانظر: المصباح المنير ١/ ٢٣٦.
(¬٣) في (غ): "اجتمعوا".