كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)

وهذا المثال سبق المصنفَ بذكره الإمامُ والآمديُّ (¬١) وغيرُهما وهو صحيح وإنْ صَحَّ ما نقله ابن حزم الظاهري مِنْ ذهاب بعضهم إلى انفراد الأخ بالمال؛ لأن الإجماع وقع بعد ذلك على خلافه.
ومن أمثلته أيضًا: الجارية الثيب إذا وَطِئها المشتري ثم وجد بها عيبًا قديمًا. قال بعضهم: نمنع الردّ (¬٢). وقال آخرون بالرد مع العُقْر (¬٣). فالقول بالردِّ مجانًا ثالث. كذا صَوَّره الآمديُّ في الثيب، وابن الحاجب في البكر (¬٤).
فإن قلت: كيف قال الشافعيُّ - رضي الله عنه - ومالكٌ والليثُ في الثيب (¬٥) بالردِّ مجانًا (¬٦)؟
قلت: لم يثبت تَكلُّم جميع الصحابة في المسألة، بل كان القولان ممن تكلم فيها فقط (¬٧). ولو فُرض كلام جميعهم فلا نسلم استقرار رأيهم على
---------------
(¬١) انظر: المحصول ٢/ ق ١/ ١٨٠ - ١٨١.
(¬٢) أي: فليس للمشتري إلا الرجوع على البائع بقيمة العيب. وبه قال أبو حنيفة - رضي الله عنه - لكنه قال ذلك أيضًا في البكر. انظر: بداية المجتهد ٢/ ١٨٢.
(¬٣) أي: يردها، ويردُّ مهرَ مِثْلها. وبه قال ابن أبي شبرمة وابن أبي ليلى، سواء عندهما البكر والثيب. انظر: بداية المجتهد ٢/ ١٨٢.
(¬٤) انظر: الإحكام ١/. . .، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٣٩، البحر المحيط ٦/ ٥١٩.
(¬٥) دون البكر.
(¬٦) وهو إحدى الروايتين عن أحمد - رضي الله عنه -. انظر: بداية المجتهد ٢/ ١٨٢، روضة الطالبين ٣/ ١٥٠، الشرح الكبير ٤/ ٨٨، المحلى ٩/ ٧٢.
(¬٧) ولذلك قال الإسنوي رحمه الله: "وصورة هذه المسألة (أي: مسألة إحداث قولٍ ثالث على القولَيْن السابقَيْن): أن يتكلم المجتهدون جميعُهم في المسألة، ويختلفوا فيها على قولين. . . وأما مجرد نقل القولين عن عصرٍ من الأعصار فإنه لا يكون مانعًا من =

الصفحة 2077