كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)

فقد صَرَّح القاضي بقيام الإجماع على عدم الاعتبار بخلاف العوام. وقال في هذا الكتاب في الكلام على الخبر المرسَل: "لا عبرة بقول العوامِّ وفاقًا ولا خلافًا" (¬١). انتهى.
فإنْ قلت: فما هذا الخلاف المَحْكِي في (¬٢) أنَّ قول العوام هل يُعتبر في الإجماع؟
قلت: هو اختلاف في أنَّ المجتهدين إذا أجمعوا هل يصدق: أجمعت الأمة، ويُحكم بدخول العوام معهم تبعًا؟
وهو خلاف لفظي في الحقيقة، وليس خلافًا في أنَّ مخالفتهم تقدح في قيام الإجماع، وكلام القاضي في "مختصر التقريب" ناطقٌ بذلك، فإنه حكى هذا الخلاف بعد كلامه المتقدم فقال ما نصه: "فإنْ قال قائل: فإذا أجمع علماء الأمة على حكم من الأحكام فهل تُطْلِقون (¬٣) القول بأن الأمة مُجْمِعَةٌ عليه؟
قلنا: من الأحكام ما يحصل فيه اتفاق الخاصِّ والعامّ، نحو وجوب الصلاة والزكاة والحج والصوم، وغيرها مِنْ أصول الشريعة، فما هذا سبيله فيطلق القول بأن الأمة أجمعت عليه.
وأما ما أجمع عليه العلماء من أحكام الفروع التي تَشُذُّ (¬٤) عن العوام
---------------
(¬١) انظر: التلخيص ٢/ ٤٢٧.
(¬٢) في (ص): "من".
(¬٣) في (ت)، و (ص): "يطلقون".
(¬٤) انظر: لسان العرب ٣/ ٤٩٤، مادة (شذذ).

الصفحة 2123