كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)

- لم ينعقد من وجه، وسيأتي - إن شاء الله - كلامُ إمام الحرمين فيه.
وأما الفسقة مِنْ أهل القبلة البالغون في العلم مبلغ المجتهدين: فذهب معظم الأصوليين - كما ذكر إمام الحرمين - إلى أنه لا يُعتبر وِفاقهم ولا خِلافهم (¬١). والمختار خلاف ذلك؛ لأنَّ المعصية لا تزيل اسم الإيمان، فيكون قولُ مَنْ عداهم قولَ بعض المؤمنين لا كُلِّهم، فلا يكون حجة (¬٢). وهذا ما مال إليه إمام الحرمين فقال: "الفاسق المجتهد لا يلزمه أن يقلِّد غيرَه، بل يلزمه (¬٣) أن يتبع في وقائعه ما يؤدي إليه اجتهاده، وليس له أن يُقَلِّد غيرَه، فكيف ينعقد الإجماعُ عليه في حقِّه، واجتهادُه مخالفٌ (¬٤) اجتهادَ مَنْ سواه! "، قال: "وإذا بَعُد انعقادُ الإجماع مِنْ وجهٍ لم ينعقد مِنْ وجه"، قال: "فإن قيل: هو عالمٌ في حقِّ نفسه باجتهاده، مُصَدَّق (¬٥) عليه بينه وبين ربه، وهو مكَذَّب (¬٦) في حق غيره، فلا يمتنع لانقسامِ أمره على هذا الوجه
---------------
(¬١) انظر: البرهان ١/ ٦٨٨، القواطع ٣/ ٢٤٥، البحر المحيط ٦/ ٤٢٢، تيسير التحرير ٣/ ٢٣٨، شرح الكوكب ٢/ ٢٢٨، المسودة ص ٣٣١.
(¬٢) وبه قال الشيرازي، والإسفراييني، والغزالي، والآمدي، وابن الحاجب، والإمام وشيعته، وأبو الخطاب من الحنابلة. انظر: اللمع ص ٩١، شرح اللمع ٢/ ٧٢٠، المسودة ص ٣٣١، المستصفى ١/ ١٨٣، الإحكام ١/ ٢٢٩، بيان المختصر ١/ ٥٥٠، العضد على ابن الحاجب ٢/ ٣٣ - ٣٤، المحصول ٢/ ق ١/ ٢٥٧، الحاصل ٢/ ٧١٨، التحصيل ٢/ ٧٥، نهاية الوصول ٦/ ٢٦١٠، التمهيد ٣/ ٢٥٢، مختصر الروضة ص ١٣٠.
(¬٣) في (ص): "يلزم".
(¬٤) في (ص): "يخالف".
(¬٥) في (ص): "فَيُصَدَّق". والمثبت موافق لما في "البرهان".
(¬٦) في (ت)، و (ص): "يُكَذَّب". والمثبت موافق لما في "البرهان".

الصفحة 2129