كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 5)

أنْ يَنْقسم حكمُ الإجماع.
قلنا: هذا محال؛ فإن الفاسقَ غيرُ مقطوعٍ بصدقه ولا كذبه، فهو كالعالم في غيبته (¬١)، فإن تاب فهو كما لو آب (¬٢) الغائب (¬٣) " (¬٤).
واعلم أنَّ الأولين اختلفوا في تعليل عدمِ اعتبارِ قول الفاسق على وجهين:
أحدهما: وعليه يقوم هذا السؤال، أنَّ إخباره عن نفسه لا يُوثق به لفسقه، فربما أخبر بالوِفاق وهو مُخالِفٌ، أو بالخِلاف وهو موافِقٌ، فلما تعذَّر الوصول إلى معرفة قوله - سقط أثره. وشَبَّه بعضُ المتأخرين ذلك بسقوط أثر قول الخَضِر - عليه السلام - على القول بأنه حيٌّ؛ لتعذر الوصول إليه (¬٥).
والثاني: أنَّ العدالة ركنٌ في الاجتهاد كالعلم (¬٦)، فإذا فاتت العدالة
---------------
(¬١) أي: العالم الغائب عن الواقعة التي تكلم فيها المجتهدون.
(¬٢) في (ص): "أتى". واعتباري هذه الكلمة خطأ من جهة التبديل، فإن الموجود في (ت)، و (غ)، و"البرهان" هو ما أثبته، وغالب الظن أنَّ ناسخ (ص) أو مَنْ نقل عنه تصرف مِنْ عنده، وإلا فالكلمة من جهة المعنى صحيحة، لكنها تنافي أسلوب إمام الحرمين المعروف بالرصانة والمتانة.
(¬٣) في (ت): "العالم". وهو خطأ. والمعنى: أن الإجماع لا ينعقد حتى يتوب العالم الفاسق فنجزم حينذاك برأيه، فإنْ وافقهم انعقد، وإلا فلا.
(¬٤) انظر: البرهان ١/ ٦٨٨ - ٦٨٩، مع تصرف من الشارح رحمه الله.
(¬٥) انظر الفتح ٦/ ٤٣٤ - ٤٣٦، وانظر: المقاصد الحسنة ص ٢١، كشف الخفاء ومزيل الإلباس ٤٩١، تنزيه الشريعة المرفوعة ١/ ٢٣٣ - ٢٣٧.
(¬٦) سقطت من (ت).

الصفحة 2130