كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 6)
البيهقي أنّ عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - كتب إليه كتابًا بليغًا وفيه: ثم قايس الأمور، واعرف الأمثال والأشباه. رواه البيهقي (¬١). وقال: هو كتاب معروف مشهور لا بد للقضاة من معرفته والعمل به (¬٢).
وقد اعترض الخصم على هذا الدليل الثاني: فإنّه وإن دلّ على حجيّة القياس وقت تقريره - صلى الله عليه وسلم - فلا يدلّ على حجيّته دائمًا في جميع الأزمنة، بل ذلك قبل نزول قوله تعالى: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (¬٣) فإنّ إكمال الدّين إنّما يكون بالتّنصيص على الأحكام فلمّا نزلت هذه الآية استغني عن القياس.
والجواب: أنّ الأصل عدم التخصيص بوقت دون وقت، وأيضًا فلم يقل أحد إنَّ القياس كان حجّةً إلى حين نزولِ هذه الآية ثمّ زال.
والمراد بقوله: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (¬٤) الأصول أمّا التفاريع فالآية مخصوصة بالنسبة إليها لعدم شمول النّص الصريح (¬٥) لجميع الجزئيات، هذا تقرير ما في الكتاب.
---------------
(¬١) رواه البيهقي: ١٠/ ١٩٧ كتاب آداب القاضي، باب ما يقضي به القاضي ويفتي به المفتي، وفي كتاب الشهادات باب لا يحيل حكم القاضي على المقضي له والمقضي عليه ١٠/ ٢٥٣، ورواه الدارقطني في السنن: ٤/ ٢٠٦. وجامع بيان العلم: ٢/ ٥٦.
(¬٢) ينظر سنن البيهقي: ١٠/ ١٩٧.
(¬٣) سورة المائدة الآية ٣.
(¬٤) سورة المائدة الآية ٣.
(¬٥) (الصريح): ليس في (غ).