كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 6)
طوائف منهم من غيرِ إنكارٍ، وكلّما كان كذلك كان إجماعًا؛ لما تقدم في كتاب الإجماع.
وأما صدوره عن طوائف منهم: فلِما روي أنّ أفضل الصحابة الصديق - رضي الله عنه - قال حين سئل عن الكلالة (¬١): "أقول فيها برأيي، فإنْ يكنْ صوابًا فمنَ الله، وإنْ يكنْ خطأً، فمنِّي ومن الشيطان" (¬٢)، والرأي هو القياس؛ لأنَّه يقال: أقُلْتَ هذا برأيك أم بالنص؟ فدلت مقابلته للنّص على أنَّه للاستدلال.
وادّعى المصنّف في ذلك الإجماع، وكذلك (¬٣) ادّعى صفي الدّين الهندي في النِّهاية، واستدل عليه بأنّ أصحابنا روَوْا عن السلف كلامًا كثيرًا
---------------
(¬١) قال تعالى: {يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ وَلَهُ أُخْتٌ فَلَهَا نِصْفُ مَا تَرَكَ وَهُوَ يَرِثُهَا إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهَا وَلَدٌ} (سورة النساء: الآية ١٧٦) والكلالة مَن لم يَرِثْهُ أبٌ أو ابن، وهو مصدرٌ من تَكلله النسب. وجاء في النهاية في غريب الحديث مادة "كلل": قد تكرر في الحديث ذكره "الكلالة" وهو أن يموت الرجل ولا يدع والدًا ولا ولدًا يرثانه. وأصله: من تكلله النسب، إذا أحاط به. وقيل: الكلالة: الوارثون الذين ليس فيهم ولدٌ ولا والد، فهو واقعٌ على الميت وعلى الوارث بهذا الشرط. وقيل: الأب والابن طرفان للرجل، فإذا مات ولم يخلفهما فقد مات عن ذهاب طرفيه، فسمي ذهاب الطرفين كلالة. وقيل: كل ما احتف بالشيء من جوانبه فهو إكليل، وبه سميت؛ لأنّ الوُرَّاث يحيطون به من جوانبه.
(¬٢) أخرجه الدارمي في كتاب الفرائض باب الكلالة، ٢/ ٣٦٥، والبيهقي: في كتاب الفرائض باب حجب الإخوة والأخوات من قبل الأم والأب والجد وولد الابن: ٥/ ٢٢٣، وتلخيص الحبير: ٣/ ١٠٧٧.
(¬٣) في (ص): وكذا.