كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 6)
صدور القياس بما قلناه وبغيره من الآثار الكثيرة التي لا ينكرها إلا معاند، وقد تواتر القدر المشترك منها (¬١).
قال القاضي في كتاب التقريب والإرشاد: وقد صار تمسكهم بالرأي وتسويغهم التعلق بطريق الاجتهاد مدركًا ضرورةً (¬٢)، كما أدرك اختلافهم على الجملة ضرورة، وإن كانت صورة الاختلاف نقلت آحادًا (¬٣).
واعترض الخصم على هذا الدليل، بأنه معارض بمثله، فإنه نقل عن الصحابة رضي الله عنهم أنَّهم ذموه أيضًا، وأنكروه كما روي عن أبي بكر - رضي الله عنه - أنه قال: "أيُّ سماء تظلني وأي أرض تقلني إذا قلت في كتاب الله برأيي" (¬٤).
وقوله: تظلني أي توقع عليَّ ظلًا، وتقلني معناها تحملني (¬٥).
---------------
= الولد ولا يجعل أب الأب بمنزلة الأب؟ إن شاء باهلته عند الحجر الأسود".
(¬١) يعني التواتر المعنوي لا اللفظي.
(¬٢) في (ص): مدرك ضرورة.
(¬٣) ينظر: تلخيص التقريب: ٣/ ١٩٤.
(¬٤) قال ذلك لما سئل عن قوله تعالى: {وَفَاكِهَةً وَأَبًّا} ينظر جامع بيان العلم: ٢/ ٥٢، وقال ابن عبد البر عقيبه: "وذكر مثل هذا عن أبي بكر الصديق، ميمون بن مهران وعامر الشعبي وابن أبي مليكة" وقد ساق الأثر ابن حجر في الفتح من طريق التيمي والنخعي وأعلهما بالانقطاع وقال: لكن أحدهما يقوي الآخر. ينظر فتح الباري: ١٣/ ٢٧١. وينظر الزيلعي في تخريج أحاديث الكشاف: ٤/ ١٥٨، وابن كثير في تفسيره ١/ ٥، ٤/ ٤٧٣، ومقدمة أصول التفسير لابن تيمية: ص ١٠٨.
(¬٥) ينظر معاني هذه الكلمات: الصحاح: ٥/ ١٧٥٥ مادة "ظلل" و ٥/ ١٨٠٤ مادة "قلل".