كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 6)

وأمّا الدّليل على أنّ التّنصيص على العلّة لا يفيد الحكم في جميع الصور باللفظ خلاف (¬١) ما نقله الغزالي، والآمدي عن النظام فإنّا نعلم بالضرورة من اللغة أنّ قوله: حرّمت الخمر؛ لإسكارها لا يدل على تحريم كلّ مسكر كدلالة (¬٢) قوله: حرّمت كلّ مسكر، وأنَّه غير موضوع لذلك بل موضوع لتحريم الخمر لعلّة إسكاره، وحرمة ما عدا الخمر من المسكرات ليس جزءًا من هذا المفهوم ضرورةً، فيجب ألا (¬٣) يكون دلالته على تحريم كلّ مسكر لفظية؛ لأنَّ الدلالة منحصرة في هذين النوعين عند قوم وفي دلالة المطابقة عند آخرين، ولهذا لو قال الرجل: أعتقت غانما لسواده، لم يعتق من عدا (¬٤) من عبيده السود، ولو قام ذلك مقام عتقت عبيدي السود لعتقوا عليه من غير اعتبار نية، ولا علم، بمقصده، وكذا لو قال: لوكيله بع سالمًا؛ لسوء خلقه.
واحتج أبو عبد الله على مذهبه بأن من ترك أكل رمّانة حامضة؛ لحموضتها وجب عليه أنْ يترك أكْلَ كلِّ رمّانة حامضة بخلاف من أكلها لحموضتها (¬٥).
وأجيب: بأنَّا لا نسلم أَنَّه يجب عليه ترك الكلّ، وذلك لاحتمال أن
---------------
(¬١) في (غ): على خلاف.
(¬٢) في (ص): لدلالة
(¬٣) في (غ): أن يكون.
(¬٤) (من عداه) ليس في (غ).
(¬٥) ينظر دليل أبي عبد الله في المعتمد: ٢/ ٢٣٥، والتبصرة: ص ٤٣٦، وتيسير التحرير: ٤/ ١١١، والحاصل: ٢/ ٨٥٩، والتحصيل: ٢/ ١٨٣.

الصفحة 2232