كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 6)

قوله: وفي قوله هذا جواب عن سؤال مقدَّر تقديره اللام ليست للتعليل كقوله تعالى: {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيرًا مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ} (¬١) فإنّ ذلك ليس غرضًا بالإجماع، فإنّ النّاس على قولين: منهم من لم يعلل أفعال الله لشيء أصلًا، ومنهم من يعللها بالمصالح، فأمّا تعليلها بالمضار والعقوبات فلم يقل به عاقل.
ولقول الشاعر:
لَهُ مَلِكٌ يُنَادِي كلّ يومِ ... لِدُوا لِلمَوْتِ وابْنُوا لِلْخَرَابِ (¬٢)
وذلك ليس للعلية (¬٣) إذ الولادة والبناء ليس لغرض الموت والخراب.
وجوابه: أنّ اللام في هذه الأماكن مستعملة على جهة التجوز للعاقبة، فإنّ عاقبة كثير من المخلوقات جهنّم، وعاقبة الولادة الموت، والبناء للخراب (¬٤)، والعلاقة بين العلّة والعاقبة، أنّ عاقبةَ الشيءِ
---------------
(¬١) سورة الأعراف من الآية ١٧٩.
(¬٢) البيت لأبي العتاهية ينظر: ديوان أبي العتاهية: ص ٢٣. وجاء في كشف الخفاء: ٢/ ١٤٠ "أخرج البيهقي في شعب الإيمان عن أبي هريرة والزبير مرفوعًا من حديث طويل، وفيه: "وأن ملكا بباب آخر في الجنة يقول: يأيها الناس هلموا إلى ربكم فإن ما قلّ وكفى خير مما كثر وألهى، وأنّ ملكا بباب آخر ينادي يا ابن آدم: لدوا للموت وابنوا للخراب"، وأخرج أحمد في الزهد عن عبد الواحد بن زياد أن عيسى بن مريم قال: (يا بني آدم لدوا للموت وابنوا للخراب تفنى نفوسكم وتبلى دياركم) ".
(¬٣) في (ص): للغلبة.
(¬٤) في (غ): الخراب.

الصفحة 2298