كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 2)

وغيره للتغليظ عليه، أو يُحْمل قوله (¬١) على السكران الذي لا يَنْسَلُّ عن رتبة التمييز، دون الطافح المغشِيِّ عليه. ولا ينبغي أن يَظُنَّ ظانٌّ مِن (¬٢) ذلك أن الشافعي يُجَوِّز تكليف الغافل مطلقًا، فَقدْره - رضي الله عنه - يَجِلُّ (¬٣) عن ذلك، وأظهر الرأيين عندنا أن الشافعي فَصَّل بين السكران وغيره. ثم إنا نقول: لعل ذلك هو الحق دالِّين عليه بقوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} (¬٤).
فإن قلت: لعل المراد بالسكران في الآية النشوان الذي لا يَنْسَلُّ عن رتبة التمييز.
قلت: هذا التأويل ينافي سياق الآية، فإن الرب تعالى قال: {حَتَّى تَعْلَمُوا مَا تَقُولُونَ}، وليس عندي على مَنْ قال إنَّ السكران مكلَّف إلا إشكال دقيقٌ لولاه لجزمت القولَ بأنه مكلَّف: وهو أنه يلزمُ مَنْ قال إنه مكلَّف أن يأمره بالوضوء ويطالبه بالصلاة، ويَرِد عليه إذن قوله تعالى: {لَا تَقْرَبُوا الصَّلَاةَ وَأَنْتُمْ سُكَارَى} فإن تحريم الصلاة عليه لا يُجامِع مطالبتَه بها، فالآية تصلح مُعْتَصَمًا للفريقين، فمَن يكلفه يقول: الله قد (¬٥) خاطبه. ومَن يمنع يقول: قد أمره بأن لا يقرب الصلاة.
---------------
(¬١) في (ص) و (ك)، و (غ): "كلامه".
(¬٢) في (ت)، و (غ): "في".
(¬٣) بكسر الجيم. انظر: المصباح ١/ ١١٥.
(¬٤) سورة النساء: الآية ٤٣.
(¬٥) سقطت من (ت)، و (ص).

الصفحة 409