كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)
الناس - اقتضي إطلاقُ هذا اللفظ إخبارَك بقيام جميعهم، (فإذا قلت: إنْ أقام الناس - خرج عن كونه كلامًا بالكلية، فإذا قلت: قام الناس إلا زيدًا لم يخرج عن كونه كلامًا، ولكن خرج عن اقتضاء قيام جميعهم) (¬١) إلى قيام ما عدا زيدًا. فعلمتَ بهذا أنَّ لإفادة: "قام الناس" للإخبار بقيام جميعهم شرطين:
أحدهما: أن لا يبتدئه بما يخالفه.
والثاني: أن لا يختمه بما يخالفه.
وله شرط ثالث أيضًا: وهو أن يكون صادرًا عن قصد، فلا (¬٢) اعتبار بكلام الساهي والنائم.
فهذه ثلاثة شروط لا بد منها، وعلى السامع التنبُّه لها، فوضح بهذا أنك لا (¬٣) تستفيد قيام الناس من قوله: قام الناس، إلا بإطلاق هذا القول؛ فلذلك اشترطنا ما ذكرناه.
فإن قلت: من أين لنا اشتراط ذلك واللفظ وحده كافٍ في ذلك؛ لأن الواضع وضعه لذلك.
قلت: وَضْعُ الواضعِ له معناه: أنه جعله متهيئًا لأَنْ يفيد ذلك المعنى عند استعمال المتكلم له على الوجه المخصوص، والمفيدُ في الحقيقة إنما هو المتكلم واللفظ كالآلة الموضوعة لذلك.
---------------
(¬١) سقطت من (ت).
(¬٢) في (ت)، و (غ): "ولا".
(¬٣) في (ك): "ما".