كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)

وخصائصُها، فيعلِّمه مثلًا أنَّ الخيل تصلح للكَرِّ والفَرِّ، والجمال للحَمْل، والثيران للزرع، وهذا لأن الاسم مشتق من السِّمَة أو من السُّمُو (¬١)، وعلى كل تقدير فكل ما يُعرِّف ماهيةً، ويكشِف عن حقيقةٍ - يكون اسمًا، وتخصيص الاسم بهذه الألفاظ عُرْف حادث. ولو سلَّمنا أن المراد بالأسماء ما ذكرتم فلا يلزم التوقيف؛ إذ من الجائز (أن تكون الأسماء) (¬٢) التي علمها الله لآدم قد وضعتها (¬٣) طائفة مخلوقةٌ قبله.
وفي هذين الجوابين نظر:
أما الأول فإنه خلاف الظاهر؛ إذ الظاهر من الأسماء الألفاظ.
وأما الثاني فالأصل عدم استعمالٍ سابق.
ومنهم مَنْ أجاب بجواب آخر: وهو أن المراد من التعليم أنه تعالى ألْهمه الاحتياج إلى هذه الألفاظ، وأعطاه من العلوم ما لأجله قَدَر على الوضع. قال الإمام: "وليس لأحد أن يقول: التعليم: إيجاد العلم، بل التعليم: فعلٌ صالحٌ لأن يترتب عليه حصول العلم؛ ولذلك يقال: علَّمته (¬٤) فلم يتعلم" (¬٥).
---------------
(¬١) السِّمة: العلامة. والسمو: العلو والرفعة، فهو علامة على المسمى، أو هو تنويه ورِفْعة له. والأول هو مذهب الكوفيين، والثاني مذهب البصريين. انظر: المصباح المنير ١/ ٣١٠، ٢/ ٣٣٦، لسان العرب ١٤/ ٤٠١، مادة (سما، وسم).
(¬٢) في (ص): "أن يكون من الأسماء".
(¬٣) في (غ): "وضعها".
(¬٤) في (ت): "علمه".
(¬٥) المحصول ١/ ق ١/ ٢٥٦.

الصفحة 502