كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)

فإن قلت: لِمَ سَمَّى الأصوليون ما نُقِل عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أخبارًا ومعظمها أوامر ونواهي؟
قلت: أجاب القاضي بوجهين:
أحدهما: أنَّ حاصل جميعها آيل إلى الخبر، فالمأمور به في حكم المُخْبَر عن وجوبه، وكذا القول في النواهي. والسر فيه أنه - صلى الله عليه وسلم - ليس آمرًا على سبيل الاستقلال وإنما الآمر (حقًا الله تعالى) (¬١)، وصِيَغ الأمر من المصطفى عليه السلام في حكم الإخبار عن (¬٢) الله تعالى.
والثاني: أنها سميت أخبارًا لنقل المتوسطين (¬٣) وهم يخبرون عمن يروي لهم، ومَنْ عاصر النبي - صلى الله عليه وسلم - كان إذا بلغه أمر (¬٤) لا يقول: أخبرنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، (بل يقول: أمرنا) (¬٥)، فالمنقول - إذا استجد - اسم الخبر في المرتبة الثانية إلى حيث انتهى (¬٦).
---------------
(¬١) في (ت)، و (ص)، و (ك)، و (غ): "حقًا لله تعالى". والمثبت من البرهان ١/ ٥٦٥.
(¬٢) في (ك): "من".
(¬٣) وهم التابعون ومَنْ بعدهم.
(¬٤) سقطت من (ت)، و (غ).
(¬٥) في (ص): "بل أمرنا نقول". وهو خطأ.
(¬٦) قوله: "فالمنقول إذا استجد اسم الخبر في المرتبة الثانية". "اسم الخبر"، خبر المبتدأ: "فالمنقول". والمعنى: أن المنقول هو اسم الخبر إذا استجد (أي: النقل) في المرتبة الثانية، وهي مرتبة ما بعد الصحابة. فالمنقول في المرتبة الثانية اسم الخبر لا لفظ الأمر؛ لأن النقل فيها إخبار عن الأمر. وقوله: "إلى حيث انتهى"، أي: إلى آخر الرواة.

الصفحة 563