كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)
وعلى كلامه اعتراضات:
منها: أنه اشترط في حقيقة الأمر الاستعلاء، وذلك مذهبٌ زَيَّفه في باب الأوامر. كذا أورده بعض الشراح (¬١)، وسنبين في كتاب الأوامر إن شاء الله وجه صحة كلامه وعدم اضطرابه.
ومنها: أنه جعل التساوي قسيمًا للاستعلاء والتسفل، وإنما هو قسيم للعلو والنزول (¬٢)؛ لأن الاستعلاء: جَعْلُ الطالب نفسَه عاليًا، ولا يلزم من ذلك كونه عاليًا في نفس الأمر، والتسفل عكسه.
ومنها: أن قوله: "وللتحصيل مع الاستعلاء أمرٌ" إنْ أراد به تحصيل الفعل الذي ليس بكف - فالتقسيم غير حاصر؛ لخروج طلب (¬٣) الكف بالنهي عنه (¬٤). وإنْ أراد تحصيل الفعل مطلقًا كفًا كان أو غيره - لزم دخول النهي في حد الأمر، وهما حقيقتان مختلفتان.
---------------
(¬١) لعله يقصد الإسنوي في نهاية السول ٢/ ٦٤، والفنري كما في "مناهج العقول" للبدخشي ١/ ١٩٣.
(¬٢) فالتساوي معناه المساواة، وهو قسيم للعلو والنزول. وكذا قال الإسنوى في نهاية السول ٢/ ٦٤: "فإن التساوي ليس قسيمًا للاستعلاء والتسفل، بل للعلو: وهو أن يكون الطالب أعلى مرتبة".
(¬٣) في (ص)، و (غ): "طالب".
(¬٤) أي: لخروج طلب الكفِّ بالنهي عن الفعل بصيغة الكفّ. فلو قلت لشخصٍ: اكفف عن هذا، انته عن هذا. فهذا أمرٌ يراد به النهي، فهو غير داخل في تعريف الأمر الذي ذكره بقوله: وللتحصيل مع الاستعلاء أمر. إذا فسَّرنا التحصيل بطلب الفعل الذي ليس بكفّ.