كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)

ينافي الترتيب (¬١). وتقول: جاء زيد وعمرو قبله. ويمتنع هنا أن تكون الواو للترتيب، وإلا لزم التناقض (¬٢)، وإذا استعملت في غير الترتيب وجب أن لا تكون حقيقةً في الترتيب دفعًا للاشتراك.
وهذا الدليل لا يُثْبِت المُدَّعى وإنما ينفي كونها للترتيب.
والثالث: أن النحاة قالوا: واو العطف في المختَلِفات بمثابة واو الجمع وياء التثنية في المتفقات؛ ولذلك أنهم لما لم يتمكنوا من جمع الأسماء المختلفة وتثنيتها (¬٣) - استعملوا واو العطف، ثم إن واو الجمع والتثنية لا يُوجبان الترتيب، فكذلك واو العطف.
وهذا الدليل كالذي قبله لا ينفي القول بالمعية. وهنا أمور:
أحدها: أنه أطلق الواو، والصواب تقييده بواو العطف؛ لتخرج واو "مع"، وواو الحال. مثل: سرت والنيل، فإنهما يدلان على المعية بلا شك.
وثانيها: حكايته الإجماع قلَّد فيه الإمام (¬٤)، والإمام حكاه عن الفارسي، وكذلك نقله السيرافي (¬٥) والسهيلي. وفيه نظر، فإن الخلاف
---------------
(¬١) انظر: شذا العرف ص ٤٦.
(¬٢) لأن قوله: "قَبْله" ينافي الترتيب بأنه أتى بعده، فالواو هنا لمطلق الجمع.
(¬٣) أي: في كلمة واحدة، مثل: زيد، وعمرو، وبكر، يمتنع أن تجتمع في كل كلمة واحدة، وتثنيتها.
(¬٤) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٥٠٧.
(¬٥) هو الإمام العلامة أبو سعيد الحسن بن عبد الله بن المَرْزُبان السِّيرافيّ - نسبةً إلى مدينة سِيرَاف وهي من بلاد فارس - الحنفيّ، شيخ الشيوخ، وإمام الأئمة معرفةً بالنحو =

الصفحة 872