كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)
احتج القائلون بأن الواو للترتيب بوجهين:
الأول: ما رَوَى مسلمٌ في صحيحه، أن رجلًا خطب عند النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: "من يطع الله ورسوله فقد رشد، ومن يعصهما (¬١) فقد غوى". فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "بئس الخطيب أنت، قل: ومن يعص الله ورسوله" (¬٢). وهذا يدل على أنها (¬٣) للترتيب؛ (إذ لو كانت) (¬٤) للجمع لما حسن الذم.
أجاب: بأن ذلك ليس لأنها للترتيب؛ بل لأن الإفراد بالذكر أشد في التعظيم، ومما يدل على هذا أنه لا ترتيب بين عصيان الله وعصيان نبيه - صلى الله عليه وسلم -، بل معصيةُ الله هي (¬٥) معصيةُ الرسول - صلى الله عليه وسلم -؛ لتلازمهما (¬٦).
---------------
(¬١) في (ت): "ومن عصاهما".
(¬٢) أخرجه مسلم في صحيحه ٢/ ٥٩٤، كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، رقم ٨٧٠. وأحمد في المسند ٤/ ٢٥٦، ٣٧٩. وأبو داود في السنن ٥/ ٢٥٩، كتاب الأدب، رقم ٤٩٨١. والنسائي في السنن ٦/ ٩٠، كتاب النكاح، باب ما يكره من الخطبة، رقم ٣٢٧٩. والحاكم في المستدرك ١/ ٢٨٩، وقال: صحيح على شرط الشيخين. ووافقه الذهبي.
(¬٣) أي: الواو.
(¬٤) في (ت)، و (غ): "فلو كان".
(¬٥) سقطت من (ت)، و (ص).
(¬٦) أي: الترتيب في معصية الله ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم لا يتصور؛ لكونهما متلازمين، فاستعمال الواو هنا مع انتفاء الترتيب دليل لنا عليكم. انظر: نهاية السول ٢/ ١٨٦.
الصفحة 879
3327