كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)

ويعتقدون أنه المراد. سُمُّوا بذلك؛ لأنهم كانوا في حلقة الحسن البصري (¬١) رحمه الله تعالى، فوجدهم يتكلمونَ كلامًا ساقطًا، فقال: ردوا هؤلاء إلى حشا الحلقة. وقيل: سموا بذلك لأنَّ منهم المجسِّمة، أوْ هم هم. والجسم مَحْشُو، فعلى هذا القياسُ فيه الحَشْوية بسكون الشين؛ إذِ النسبةُ إلى الحَشْو. وقيل: المرادَ بالحشوية: الطائفة الذين لا يرون البحث في آيات الصفات التي يتعذر إجراؤها على ظاهرها، بل يؤمنون بما أراده الله مع جَزْمهم المُعْتَقَد بأن (¬٢) الظاهر غيرُ مراد، ولكنهم
---------------
= من اللغة واستعمال العرب، وهو منفيٌّ لأنه تشبيه، والحاصل أننا إذا فهمنا كلامهم ومقصدهم بألفاظهم - تبين أن لا خلاف أصلًا، وانظر في شرح الكوكب ٢/ ١٤١، كيف جَعَل ظاهر الصفات تشبيهًا، وهذا على الاصطلاح في الظاهر من المعنى اللغوي، وأما المعنى اللائق به تعالى فلا يسمونه ظاهرًا، وإن قالوا بأنه هو المراد من اللفظ؛ لأن هذا المعنى غير ظاهر لنا، لا تدركه أفهامنا. فمن قال بإجراء اللفظ على ظاهره لم يقصد المعنى اللغوي الحقيقي، بل قصد إبقاء اللفظ كما ورد، وتفويض علم المراد به إلى قائله سبحانه وتعالى. ومن قال بنفي الظاهر استند إلى أن إرادة الظاهر - وهو ما ظهر لغة - تشبيه، فيكون المراد غيره وهو معنى لائق بالله تعالى، فلا خلاف بين من يقول: نجري على الظاهر، ومن يقول: لا نجري على الظاهر. والله أعلم.
(¬١) هو الحسن بن أبي الحسن يسار، أبو سعيد البصريّ، مولى زيد بن ثابت الأنصاريّ - رضي الله عنه -، وقيل غير ذلك، ولد رحمه الله لسنتين بقيتا مِنْ خلافة عمر - رضي الله عنه -. كان سيد زمانه علمًا وعملًا، ثقةً حجةً، من الشجعان الموصوفين، ومن أهل الفصاحة المعروفين. توفي - رحمه الله - سنة ١١٠ هـ. انظر: سير ٤/ ٥٦٣، طبقات ابن سعد ٧/ ١٥٦.
(¬٢) في (ت): "أن".

الصفحة 925