كتاب الإبهاج في شرح المنهاج - ط دبي (اسم الجزء: 3)

يفوضون التأويل إلى الله سبحانه وتعالى (¬١). وعلى هذا فإطلاق الحشوية عليهم غير مستحسن؛ لعدم مناسبته لمعتقدهم؛ ولأن ذلك مذهب طوائف السلف من أهل السنة رضي الله عنهم.
إذا عرفتَ ذلك فقد استدل المصنف على امتناع ذلك: بأنه هذيان.
قال الجاربردي شارح الكتاب: وهو مصادرة على المطلوب؛ لأن الهذيان: هو اللفظ المركب المهمل، وهو الذي ادّعَى امتناعه (¬٢).
وهذا اعتراض منقدح، ولكن المصنف أخذ هذا الدليل من الإمام (¬٣)، والإمام إنما استدل (¬٤) به على ما صَدَّر به المسألة من قوله: لا يتكلم الله بشيء، و (¬٥) لا يعني به شيئًا (¬٦). وقد بينا أن هذه الدعوى في الحقيقة غير دعوى المصنف، فليس استدلال الإمام بكونه هذيانًا مصادرة على المطلوب. نعم هو ضعيف من جهة أنه قد يقال: لا نسلم أن الكلام المفيد بالوضع الذي فاه به الناطق إذا لم يَعْن به شيئًا - هذيانٌ، وإنما يكون هذيانًا إذا لم يكن له مدلول في نفسه. وقد يقال: إنَّ قَصْد
---------------
(¬١) فالظاهر الذي في حق المخلوق متعذر، والظاهر أي: المعنى الذي في حق الخالق يُفَوَّض تأويله إليه سبحانه وتعالى، فالشارح يريد بتعذر إجراء الظاهر هو ما كان في حق المخلوق؛ لأنه تشبيه.
(¬٢) انظر: السراج الوهاج ١/ ٤٠٦.
(¬٣) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٥٤١.
(¬٤) في (غ): "يستدل".
(¬٥) سقطت الواو من (ت)، و (غ).
(¬٦) انظر: المحصول ١/ ق ١/ ٥٣٩.

الصفحة 926